بدين على الميت، ثم أقر لآخر بدين آخر، وسواء كان الدين الأول مستغرقا للتركة، أم لا. ولو ثبت عليه دين في حياته أو موته، ثم تردت بهيمة في بئر كان حفرها بمحل عدوان، ففي مزاحمة صاحب البهيمة رب الدين القديم، الخلاف السابق فيما إذا جنى المفلس بعد الحجر عليه، قاله في التتمة.
الثالثة: مات وخلف ألف درهم، فادعى رجل أنه أوصى له بثلث ماله، فصدقه الوارث، ثم جاء آخر فادعى عليه ألف درهم دينا، فصدقه الوارث، قيل: يصرف الثلث إلى الوصية، لتقدمها. وقيل: يقدم الدين على الوصية كما هو المعروف فيهما. ولو صدق مدعي دين، أولا، قدم قطعا. ولصدق المدعيين معا، قال الأكثرون: يقسم الألف بينهما أرباعا، لأنا نحتاج إلى الألف للدين، وإلى ثلث المال للوصية، فيخص الوصية ثلث عائل، وهو الربع. وقال الصيدلاني: تسقط الوصية، ويقدم الدين كما لو ثبتا بالبينة، وهذا هو الصواب، سواء قدمنا عند ترتب الاقرارين، الأول منهما، أو سوينا.
الرابعة: أقر المريض بعين مال لانسان، ثم أقر لآخر بدين مستغرق أو غير مستغرق، سلمت العين للأول، ولا شئ للثاني، لان المقر مات ولا يعرف له مال. ولو أقر بالدين أولا، ثم أقر بالعين، فوجهان. أصحهما: أنه كما لو أقر بالعين أولا، لان الاقرار في الدين، لا يتضمن حجرا في العين، ألا ترى أنه ينفذ تصرفه فيها. والثاني يتزاحمان، لتعارض القوة فيهما.
قلت: لو أقر المريض أنه أعتق عبدا في صحته، وعليه دين يستغرق تركته، نفذ عتقه، لان الاقرار ليس تبرعا، بل إخبار عن حق سابق. ولو ملك أخاه، فأقر في مرضه أنه أعتقه في صحته، وهو أقرب عصبته، نفذ عتقه. وهل يرث؟ يبنى على الاقرار للوارث. إن صححناه، ورث، وإلا، فلا، لا توريثه يقتضي إبطال حريته، فيذهب الإرث. والله أعلم.
فرع يشترط في صحة الاقرار الاختيار، فإقرار المكره، باطل كسائر تصرفه.