قلت: هذا الذي اختاره، هو الصواب، وقد قطع به هكذا القاضي أبو الطيب في تعليقه. والله أعلم.
المسألة الثانية: ادعى رجلان دارا في يد رجل، فأقر لأحدهما بنصفها، نظر، إن ادعياها إرثا ولم يتعرضا لقبض، شارك صاحبه فيما أخذه، لان التركة مشتركة، فالحاصل منها مشترك. وإن قالا: ورثناها وقبضناها، ثم غصبناها، لم يشاركه على الصحيح وقول الأكثرين. فإن ادعيا ملكا بشراء أو غيره، فإن لم يقولا:
اشترينا معا، فلا مشاركة. وإن قالا: اشترينا معا، أو اتهبنا معا، وقبضنا معا، فوجهان. أصحهما: أنه كالإرث. والثاني: لا مشاركة. فلو لم يتعرضا لسبب الملك، فلا مشاركة قطعا، نص عليه في المختصر. وحيث شركنا في هذه الصور، فصالح المصدق المدعى عليه على مال، فإن كان بإذن الشريك، صح، وإلا، فباطل في نصيب الشريك. وفي نصيبه قولا تفريق الصفقة. وقيل: يصح في جميع المقر به لتوافق المتعاقدين، وهو ضعيف.
ولو ادعيا دارا في يده، فأقر لأحدهما بجميعها، فإن وجد من المقر له في الدعوى ما يتضمن إقرارا لصاحبه، بأن قال: هذه الدار بيننا، ونحو ذلك، شاركه.
وإن لم يوجد، بل اقتصر على دعوى النصف، نظر، إن قال بعد إقرار المدعى عليه بالكل: الجميع لي، سلم الجميع له، ولا يلزم من ادعائه النصف أن لا يكون الباقي له، ولعله ادعى النصف، لكون البينة ما تساعده على غيره، أو يخاف الجحود الكلي. وإن قال: النصف الآخر لصاحبي، سلم لصاحبه. وإن لم يثبته لنفسه، لا لرفيقه، فهل يترك في يد المدعى عليه، أم يحفظه القاضي، أم يسلم إلى رفيقه؟ فيه أوجه، أصحها: أولها.
الثالثة: تداعيا جدارا حائلا بين ملكيهما، فله حالان.
أحدهما: أن يكون متصلا ببناء أحدهما دون الآخر اتصالا لا يمكن إحداثه