كسمن الدابة بالعلف، وكبر الودي بالسقي. وأظهرهما: أنها عين، والمفلس شريك بها، لأنها زيادة بفعل محترم متقوم، ويجري القولان، فيما لو اشترى دقيقا فخبزه، أو لحما فشواه، أو شاة فذبحها، أو أرضا فضرب من ترابها لبنا أو عرصة، وآلات البناء فبنى بها دارا. أما تعليم العبد القرآن، والحرفة، والكتابة، والشعر المباح، ورياضة الدابة، فالأصح أنها على القولين. وقيل: هي أثر قطعا، كالسمن.
وضبط صور القولين، أن يصنع به ما يجوز الاستئجار عليه، فيظهر به أثر فيه. وإنما اعتبرنا الأثر، لان حفظ الدابة وسياستها، يجوز الاستئجار عليه، ولا تثبت به مشاركة للمفلس، لأنه لا يظهر بسببه أثر على الدابة. فإن قلنا: أثر، أخذ البائع المبيع بزيادته. وإن قلنا: عين، بيع وللمفلس بنسبة ما زاد في قيمته.
مثاله، قيمة الثوب خمسة، وبلغ بالقصارة ستة، فللمفلس سدس الثمن. فلو ارتفعت القيمة، أو انخفضت بالسوق، فالزيادة والنقص بينهما على هذه النسبة.
فلو ارتفعت قيمة الثوب دون القصارة، بأن صار مثل ذلك الثوب يساوي غير مقصور ستة، ومقصورا سبعة، فللمفلس سبع الثمن فقط. فلو زادت قيمة القصارة دون الثوب، بأن كان مثل هذا الثوب يساوي مقصورا سبعة، وغير مقصور خمسة، فللمفلس سبعان من الثمن. وعلى هذا القياس. ويجوز للبائع أن يمسك المبيع، ويمنع من بيعه، ويبذل للمفلس حصة الزيادة، كذا نقل في التهذيب وغيره، كما تبذل قيمة البناء والغراس. ومنعه في التتمة لان الصفة لا تقابل بعوض.
قلت: الأصح: نقل صاحبا التهذيب، وبه قطع صاحب الشامل والبيان. وقال صاحب الحاوي: ولا يسلم هذا الثوب إلى البائع، ولا المفلس، ولا الغرماء، بل يوضع عند عدل حتى يباع كالجارية الحامل. والله أعلم.
فرع إذا استأجر المفلس أو غيره على القصارة، أو الطحن، فعمل الأجير عمله، فهل له حبس الثوب المقصور والدقيق لاستيفاء الأجرة؟ إن قلنا: القصارة وما في معناها أثر، فلا. وإن قلنا: عين، فنعم. كما للبائع حبس المبيع، لاستيفاء الثمن، وبه قال الأكثرون.
قلت: هكذا أطلق المسألة كثيرون، أو الأكثرون، ونص الشافعي رضي الله