الادراك، فلهم ذلك، بشرط أن يقدموا المؤجر بأجرة المثل للمدة الباقية، لأنها لحفظه على الغرماء. وإن اختلفوا، فأراد بعضهم القطع، وبعضهم التبقية، فعن أبي إسحاق: يعمل بالمصلحة، والصحيح: أنه إن كان له قيمة قطع، أجبنا من أراد القطع من المفلس والغرماء، إذ ليس عليه تنمية ماله لهم، ولا عليهم انتظار النماء. فعلى هذا، لو لم يأخذ المؤجر أجرة المدة الماضية، فهو أحد الغرماء، فله طلب القطع، وإن لم يكن له قيمة لو قطع، أجبنا من طلب التبقية، إذ لا فائدة لطالب القطع. وإذا أبقوا الزرع بالاتفاق، أو بطلب بعضهم، وأجبناه، فالسقي وسائر المؤن، إن تطوع بها الغرماء أو بعضهم، أو أنفقوا عليه على قدر ديونهم، فذاك، وإن أنفق بعضهم ليرجع، فلا بد من إذن الحاكم، أو اتفاق الغرماء والمفلس. فإذا حصل الاذن، قدم المنفق بما أنفق. وكذا لو أنفقوا على قدر ديونهم، ثم ظهر غريم آخر، قدم المنفقون بما أنفقوا على الغرماء. وهل يجوز الانفاق عليه من مال المفلس؟ وجهان. أصحهما: الجواز. ووجه المنع: أن حصول الفائدة متوهم.
قلت: وإن أنفق بإذن المفلس وحده، على أن يرجع بما أنفق، جاز وكان دينا في ذمة المفلس، لا يشارك به الغرماء، لأنه وجب بعد الحجر. وإن أنفق بعضهم بإذن باقيهم فقط، على أن يرجع عليهم، رجع عليهم في مالهم. والله أعلم.
النوع الثاني: الإجارة على الذمة. ولنا خلاف في أن هذه الإجارة، هل لها حكم السلم حتى يجب فيها تسليم رأس المال في المجلس، أم لا؟ فإن قلنا: لا، فهي كإجارة العين، وإلا، فلا أثر للافلاس بعد التفرق لمصير الأجرة مقبوضة قبل التفرق. فلو فرض الفلس في المجلس، فإن أثبتنا خيار المجلس فيها، استغني عن هذا الخيار، وإلا، فهي كإجارة العين.
القسم الثاني: إفلاس المؤجر في إجارة العين، أو الذمة. أما الأولى، فإذا أجر دابة، أو دارا لرجل، فأفلس، فلا فسخ للمستأجر، لان المنافع المستحقة له متعلقة بعين ذلك المال، فيقدم بها كما يقدم حق المرتهن، ثم إذا طلب الغرماء بيع المستأجر، فإن قلنا: لا يجوز، فعليهم الصبر إلى انقضاء المدة. وإن جوزناه،