على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد، ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة وتقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب الرجوع عن الشهادة إذا شهد الشهود بحق ثم رجعوا عن الشهادة لم يخل إما أن يكون قبل الحكم أو بعد الحكم وقبل الاستيفاء أو بعد الحكم وبعد الاستيفاء، فإن كان قبل الحكم لم يحكم بشهادتهم.
وحكى عن أبي ثور أنه قال يحكم وهذا خطأ لأنه يحتمل أن يكونوا صادقين في الشهادة كاذبين في الرجوع، ويجوز أن يكونوا صادقين في الرجوع كاذبين في الشهادة ولم يحكم مع الشك، كما لو جهل عدالة الشهود، فإن رجعوا بعد الحكم وقبل الاستيفاء فإن كان في حد أو قصاص لم يجز الاستيفاء لأن هذه الحقوق تسقط بالشبهة والرجوع شبهة ظاهرة فلم يجز الاستيفاء بالشبهة معها، وإن كان مالا أو عقد فالمنصوص أنه يجوز الاستيفاء ومن أصحابنا من قال لا يجوز لان الحكم غير مستقر قبل الاستيفاء، وهذا خطأ لان الحكم نفذ والشبهة لا تؤثر فيه فجاز الاستيفاء، وإن رجعوا بعد الحكم والاستيفاء لم ينقض الحكم ولا يجب على المشهود له رد ما أخذه لأنه يجوز أن يكونوا صادقين، ويجوز أن يكونوا كاذبين، وقد اقترن بأحد الجائزين الحكم والاستيفاء فلا ينقض برجوع محتمل.
(فصل) وإن شهدوا بما يوجب القتل ثم رجعوا نظرت فإن قالوا تعمدنا ليقتل بشهادتنا وجب عليهم القود، لما روى الشعبي أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه، ثم أتيا برجل آخر فقالا إنا أخطأنا بالأول وهذا السارق، فأبطل شهادتهما على الآخر وضمنهما دية يد الأول وقال لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما، ولأنهما الجاه إلى قتله بغير حق فلزمهما القود، كما لو أكرهاه على قتله.
وإن قالوا تعمدنا الشهادة ولم نعلم أنه يقتل وهم يجهلون قتله وجبت عليهم