الحاكم لم يجز للجهل به، وهكذا لو جعل له منها مائة صاع مقدرة لم يجز للجهل به من جملة الثمرة، وأنه ربما كان جميعها أو سهما يسيرا منها، فلو قال: قد ساقيتك على هذه النخل سنة ولم يذكر قدر نصيبه من ثمرها فقد حكى عن أبي العباس بن سريج جوازها وجعل الثمرة بينهما نصفين بالسوية حملا لهما على عرف الناس في المساقاة وتسويته بينهما في الثمرة، وقد خطأ الماوردي هذا لان ترك ذكر العوض في العقد لا يقتضى حمله على معهود الناس عرفا، كالبيع والإجارة، مع أن العرف مختلف.
فإذا قال: عاملتك على هذه النخل سنة ولم يذكر قدر نصيبه منها لم يجز عند أبي العباس لأنه ليس للمعاملة عنده عرف، فلو قال: ساقيتك على مثل ما ساقى زيد عمرا فإن علما قدر ذلك جاز، وان جهلاه أو أحدهما لم يجز ويجوز أن يكون النصيب مختلفا فيكون في السنة الأولى النصف والثانية الثلث والثالثة الربع ومنع مالك من اختلاف نصيب العامل في كل عام حتى يتساوى نصيبه في جميع الأعوام وهذا خطأ لان ما جاز أن يكون العوض في أحواله متفقا جاز أن يكون مختلفا كالبيع والإجارة، فإذا علم نصيب العامل ورب المال فمذهب الشافعي أن العامل شريك في الثمرة بقدر حصته.
وقد خرج قول آخر أنه أجير كالمضاربة، ويختص رب المال بتحمل الزكاة دون العامل والأصح أنه شريك تجب الزكاة عليه إن بلغت حصة كل واحد نصابا ففي وجوب الزكاة قولان من اختلاف قولين في الخلطة في غير المواشي هل يكون كالخلطة في المواشي، وقد مضى في الزكاة للامام النووي إفاضة وإفادة فيه.
(فرع) الشرط الرابع من شروطها عقدها بلفظ ساقيتك لينتفي الاحتمال عنها فان عقداه بلفظ الإجارة بأن قال: استأجرتك للعمل فيها كان العقد باطلا لان الإجارة فيها لا تصح، فإذا عقدا بلفظ الإجارة، انصرف إلى الإجارة فبطل، وان لم يعقداه بواحدة من اللفظين وقال. قد عاملتك عليها بالعمل فيها على الشطر من ثمرها ففيه وجهان.