أن المقصود بالزعامة تنزيل الزعيم مقام الأصل، والمقصود من حضور الأصل أداء المال، فكذلك الزعيم (الرابعة) كما أن لفظ الآية نص في الزعامة فمعناها نص في الجعالة، وهي نوع من الإجارة، لكن الفرق بين الجعالة والإجارة أن الإجارة يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين، والجعالة يتقدر فيها الجعل والعمل غير مقدر.
ودليله أن الله سبحانه شرع البيع والابتياع في الأموال لاختلاف الاغراض وتبدل الأحوال، فلما دعت الحاجة إلى انتقال الاملاك شرع لها سبيل البيع، وبين أحكامه، ولما كانت المنافع كالأموال في حاجة إلى استيفائها، إذ لا يقدر كل أحد أن يتصرف لنفسه في جميع أغراضه نصب الله الإجارة في استيفاء المنافع بالاعواض، لما في ذلك من الاغراض (الخامسة) فإذا ثبت هذا فقد يمكن تقدير العمل بالزمان كقوله: تخدمني اليوم. وقد يقول: تخيط لي هذا الثوب، فيقدر العمل بالوجهين، وقد يتعذر تقدير العمل، كقوله: من جاءني بضالتي فله كذا. فأحد العوضين لا يصح تقديره والعوض الآخر لا بد من تقديره، فان ما يسقط بالضرورة لا يتعدى سقوطه إلى مالا ضرورة فيه، والأصل فيه الحديث الذي ورد من أخذ الأجرة على الرقية: وهو عمل لا يتقدر، وقد كانت الإجارة والجعالة قبل الاسلام فأقرتهما الشريعة، ونفت عنهما الغرر والجهالة (السادسة) في حقيقة القول في الآية: ان المنادى لم يكن مالكا، إنما كان نائبا عن يوسف ورسولا له: فشرط حمل البعير على يوسف لمن جاء بالصواع، وتحمل هو به عن يوسف، فصارت فيه ثلاث فوائد:
(الأولى) الجعالة، وهي عقد يتقدر فيه الثمن، ولا يتقدر فيه المثمن (الثانية) الكفالة، وهي ههنا مضافة إلى سبب موجب على وجه التعليق بالشرط، وقد اختلف الناس فيها اختلافا متباينا تقريره في المسائل وهذا دليل على جوازه فإنه فعل نبي ولا يكون إلا شرعا.
وقد اختلف الأئمة في الكفالة، فجوزها أصحاب أبي حنيفة محالة على سبب