فيه، فإن وجده ألزم الغاصب دفع المثل رخيصا كان أو غالبا، وإن عدمه خير المغصوب منه بين أن يصبر إلى وجود المثل فإن تعجل أخذ القيمة ثم وجد المثل بعد ذلك فلا حق له فيه وقد استقر ملكه على ما أخذ من قيمته بخلاف الرقيق إذا أخذت قيمته ثم وجد، والفرق بينهما أن قيمة الآبق أخذت عند الإياس منه فلزم ردها بعد القدرة عليه، وقيمة المثل أخذ مع العلم بالقدرة عليه من بعد فلم يلزم ردها بعد القدرة عليه، وإن جهد إلى وجود المثل ثم رجع مطالبا بالقسمة قبل الوجود فذلك له لتعجل حقه بخلاف السلم في الشئ إلى مدة تنقطع فيها فرضى المسلم بالصبر إلى وجوده فلا يكون له الرجوع قبله. والفرق بينهما أن تقدير وجود السلم عيب فإذا رضى به لزمه ذلك بالعقد. وصبر المغصوب منه إلى وجود المثل إنظار وتأجيل تطوع به فلم يلزم.
(فرع) ولو غصب رجل عصيرا فصار في يده خلا رجع به المغصوب منه وينقص إن حدث في قيمته، ولو صار العصير خمرا رجع على الغاصب بقيمته عصيرا لان الخمر لا قيمة له، وهل له أخذ الخمر أم لا؟ على وجهين: أحدهما - وهو قول الأسفراييني - إنه ليس له أخذه لوجوب إراقته وإتلافه.
والوجه الثاني: له أخذه لأنه قد شفع بإراقته في بئر أو مسقى حيوان، فلو صار الخمر في يد الغاصب خلا رجع به المغصوب منه، وفى رجوعه عليه بالقيمة وجهان كنقص المرض إذا زال أحدهما: يرجع بالقيمة لوجوبها. والثاني - لا يرجع عليه لعدم استقرارها.
وإذا غصبه خمرا فصار في يده خلا صار حينئذ مضمونا عليه لكونه خلا ذا قيمه، فلو اختلط بعد تلفه فقال المالك: صار خلا فعليك ضمانه، وقال الغاصب: بل تلف في يدي خمرا على حاله فالقول قول الغاصب مع يمينه اعتبارا ببراءة ذمته، فلو صار الخمر بعد غصبه خلا ثم عاد الخل فصار خمرا ضمنه مع بقاء عينه لأنه بمصيره خمرا قد صار تلفا، فلو عاد ثانية فصار خلا رد على المغصوب منه، وهل يضمن قيمته مع رده على وجهين أحدهما: لا ضمان عليه لعوده إلى ما كان عليه، والوجه الثاني: عليه الضمان لاستقراره عليه فلم يسقط عنه والله تعالى أعلم.