الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٩٤
أسلم إلى رأس الشهر، فاما يوم عرفة ويوم التروية، ويوم النفر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى فان اليوم كله من أجلهما، وسواء تقابضا في أوله أو في آخره، إلا أن يكونا جعلا أجلهما في أول وقت من ذلك اليوم، أو في وسطه، أو في آخره، فيكون لهما ما وقتا من ذلك الوقت أجلا مؤقتا. وإن أسلم في لحم موصوف بالسمن، فلا يقل لحما سمينا فيتفاوت السمن أو تختلف الصفة، ولا يكون في السلم صفة متفاوتة، وإذا تفاوتت صفة السلم بطل، وإنما تفاوتت الصفة في السمن، لان لا يوقف من السمن على حد بعينه، لان كل سمين دونه من السمن ما هو أقل سمنا منه، وفوقه في السمن ما هو أسمن منه، فلذلك قلنا: إن السمن لا يؤتى منه على صفة محدودة، ألا ترى أن صاحب اللحم لو دفع إلى صاحب السلم لحما قليل السمن وهو مما يدعى سمينا فقال صاحب السلم أنا لم أسلم في هذا وإنما أسلمت في لحم أسمن من هذا لم يكن لسلمهما ولا لصفتهما حد يحكم به عليهما، وكذلك لو قال المسلم إليه لصاحب السلم، وعنده لحمان لحم سمين فاخر ولحم سمين متوسط أنا لا أعطيك الا من هذا المتوسط، وقال الآخر أنا لا آخذ الا من هذا اللحم الفاضل فقال المسلم إليه أنت إنما أسلمت إلي في لحم سمين وهذا لحم سمين فخذ منه فأبى المسلم وترافعا إلى الحاكم فقصا عليه قصتهما لم يكن لسلمهما حد شرطا يحملهما عليه الحاكم، فلذلك أبطلنا السلم في اللحم إلا فيما له حد يعرف به، إن زيد عليه أو نقص عرفت زيادته ونقصانه مثل ما ذكرنا من اشتراط النقاء والشواء كذلك، والقول فيه عندنا فعلى ذلك، وكذلك الرؤوس فلا يجوز السلم فيها الا أن يشترط رؤوسا منقية، ويكون السلم فيها بالميزان من بعد التعيين لها، كما يفعل في الفواكه المتفاوتة لأنها تتفاوت تفاوتا كبيرا في الصغر والكبر، ويزيد وينقص لحمها فلتفاوتها وشدة اختلافها كرهنا السلم فيها
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست