الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٨١
الذي يلقى فيه عدوه مواجها له بعث إليه رجلا أو رجلين أو ثلاثة من ذوي العلم والفهم والعقل والرأي والدين والرجلة والدهاء والفطنة والتقى إن هو أمنه عليهم، فيصيرون إليه فيدعونه إلى الرحمن، ويزجرونه عن طاعة الشيطان، ويخوفونه بالله وعذابه وعقابه ويذكرونه بالله والدار الآخرة ويسألونه حقن الدماء والدخول فيما دخل فيه المسلمون من الخير والهدى، فإن أجابهم فهو منهم، وإن أبى ذلك عليهم رجعوا بخبره إلى صاحبهم، فإذا أراد الإمام تعبئة عسكره وصف أصحابه، فليصفهم صفا من وراء صف كما يصطف الناس للصلاة ويسوى بين مناكبهم ويحكم رصهم فإن الله سبحانه يقول: * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * (22) فإذا صفهم صفوفا صفا بعد صف يكون طول صفوفهم على قدر سعة معسكرهم ويجعل في الصف الأول خيارهم وحماتهم ويكون على ميمنته رجل ناصح شجاع وعلى ميسرته رجل كذلك، ويكون هو في القلب أو بين الصفين في حرجة من الخيل والرجال موثوق بهم متكل على دينهم ورجالتهم، وإن أراد أن يكون في غير ذلك المكان كان ويوقف من وراء الصفوف كلها جماعة من الفرسان ترد كل من شذ من العسكر أو انثنى عن العدو ويجعل في الصف الأول جناحين كثيفين على قدر قلة من معه وكثرتهم، ويولي على كل جناح رجلا شجاعا دينا ناصحا يختار له حماة الرجال وأبطالها وفرهة الخيل وعرابها ويأمرهم إذا رأوا فرصة أو غرة من عدوهم أن ينتهزوها ويفترصوها ويأتوا من ورائهم إن أمكنهم فإن أمكنتهم تلك فليأتوا من ورائهم وليحمل الصف الأول عليهم من إمامهم ويتبعه الصفوف شيئا شيئا زحفا زحفا من غير افتراق ولا اختلاط، وإن لم ير الجناحان الحال حال فرصة ولا نهزة ثبتا

(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»
الفهرست