بآرائهم فضلوا وأضلوا، أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما... (1).
عرفنا من مجمل الخبرين الأولين عدة أمور:
1 - إن هناك سننا قد شرعت من قبل الخلفاء لا يرتضيها علي، لمخالفتها لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2 - سعي علي لرفعها لكنه لم يقدر على كثير منها، لقوة التيار المدافع عن عمر، والمتابع لاجتهاداته وآرائه.
3 - إن الخلاف بين علي وعمر ليس على موضوع الخلافة وحده، بل على الفقه والشريعة كذلك وهو المشاهد في تخطئات الصحابة للخليفتين، بل يمكن ترجيح جانب الفقه - في غالب الأحيان على غيره - وهذا ما نقوله كذلك في سبب منع عمر للتدوين!
وعليه فإن هذه النصوص وضحت لنا حقائق كثيرة في تاريخ التشريع الإسلامي وعرفتنا بتغيير أحكام كثيرة في الإسلام، وذلك بتحكيم الرأي في الشريعة، وأن الإمام عليا لم يكن الوحيد من الصحابة الذين اعترضوا على المحاولين لتحريف الشريعة بإدخال الأهواء فيها، بل كان هناك صحابة آخرون - توفي بعضهم في عهد الشيخين - قد بينوا آفاق هذا الانحراف وبكوا على الاسلام، فخذ موضوع الصلاة مثلا وهو أمر عبادي يمارسه المسلم عدة مرات في اليوم، لتعرف سعة الاختلاف فيه.
الصحابة وأسفهم على تلاعب الحكام بالأحكام فعن حذيفة بن اليمان قوله: ابتلينا حتى جعل الرجل لا يصلي إلا سرا (2).
وعن عبد الله بن مسعود. إنها ستكون أئمة يؤخرون الصلاة عن مواقيتها فلا تنتظروهم واجعلوا الصلاة معهم سبحة (3).