استنكارية فيها إشارة إلى موقف ابن عباس الاعتراضي على ثقل الاتجاه المقابل، ومثله الحال بالنسبة إلى خبر ابن عقيل، فإن علي بن الحسين حينما أرسله إلى الربيع لم يكن لأخذ الحكم عنها، بل جاء ليسألها عن ادعائها لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله، وكيف بهم - وهم أهل بيت النبوة - لا يعرفون ما تحكيه عنه صلى الله عليه وآله؟!
نعم، جاءها كي يثبت لها مخالفة ما تدعيه للثابت المقطوع عن رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث تواترت الإخبار عنه صلى الله عليه وآله أنه كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وهذا لا يتطابق مع ترويه عنه صلى الله عليه وآله.
وقد فهمت الربيع غرض ابن عقيل الاستنكاري فقالت له: (وقد جاءني ابن عم لك) تعني به ابن عباس، فلمحت بقولها إلى أن الطالبيين لا يرتضون نقلها لمخالفته ما عرفوه من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله والقرآن الحكيم.
فابن عقيل أكد إشكاله وسؤاله بصورة أخرى فقال، فقلت لها: فبأي شئ كان الإناء؟.
قالت: قدر مد أو مد وربع.
فجملة (فبأي شئ كان الإناء) أراد بها عقيل بيان أمرين:
أولهما: إرشادها إلى سقم رؤيتها، لأنه صلى الله عليه وآله لو كان يمسح رأسه مقبلا ومدبرا، ويغسل رجليه ثلاثا لاحتاج إلى أكثر من مد، لعدم كفاية المد لغسل تمام أعضاء الوضوء، وهذا التشكيك من ابن عقيل هو الذي حدا بالربيع أن تزيد في قدر المد!!
فقالت: قدر مد بالهاشمي أو مد وربع.
فإنها انتبهت إلى عدم إمكان إيفاء المد من الماء بمسح الرأس كله مقبلا ومدبرا مع غسل الرجلين وبقية الأعضاء ثلاثا، فأتت بتلك الزيادة كي تعذر نفسها!!.
وثانيهما: إن ابن عقيل أراد أن يرى الإناء الذي كانت تصب فيه الماء لرسول الله كي يوضح لها على ضوئه بأن ما تقوله لا يلائم ما - تفرضه من حجم الماء الذي فيه -، لأن الماء الموجود في هذا الظرف الصغير لا يمكنه غسل الرجلين ثلاثا!!
أي أن ابن عقيل أراد أن يوضح لها كذب كلامها على وجه الدقة والتحقيق لا الحدس والتخمين!!
وسيأتيك بسط الكلام في البحث الدلالي لمرويات عثمان بن عفان وأن وضوءه