واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٠٧
مشروعية التقية، وذلك فيما رواه ابن ماجة في سننه، حيث عد تقية المقداد من فضائله، إذ ذكرها في باب فضل سلمان وأبي ذر والمقداد (1)، ولو كانت التقية غير جائزة في الإسلام، لكان ينبغي أن يعدها من معايبه لا من فضائله.
13 - حذيفة بن اليمان (ت / 36 ه‍):
قال السرخسي الحنفي (ت / 490 ه‍) في المبسوط: وقد كان حذيفة رضي الله عنه ممن يستعمل التقية على ما روي أنه يداري رجلا، فقيل له: إنك منافق!!
فقال: لا، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله (2).
ولعل حذيفة رضي الله عنه يريد بهذا الكلام: أن ترك التقية ليس مطلقا في كل الحال، وإن عدم مداراة الناس يؤدي إلى نفرتهم، وعزلته عنهم، وربما نتج من ترك التقية وعدم المداراة ما يؤدي إلى ضرر أكيد، فيكون من باب إلقاء النفس إلى التهلكة التي هي من الإثم الذي يذهب الدين كله، ومن هنا يتضح عدم الفرق بين التقية والمداراة في مجال دفع الضرر، وإن اختلفت المداراة عن التقية بجلب المنفعة، زيادة على دفع الضرر، والمداراة مشروعة عند سائر المسلمين كما يظهر من أبوابها في كتب الحديث وما أخرجه المحدثون - كالبخاري وغيره - في تلك الأبواب من الأحاديث الكثيرة التي تحث عليها، وتجعلها من صفات العاقل الحكيم، وكيف لا؟ وقد مر ما يثبت مداراة نبينا الكريم (ص) لمن كان في طبعه نوع من الشكاسة.

(١) سنن ابن ماجة ١: ٥٣ / 150.
(2) المبسوط / السرخسي 24: 46.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»