واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١١٦
تنطف قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شئ؟ فقالت إلحق، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب.
فلما تفرق الناس، خطب معاوية، قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، ولنحن أحق به منه، ومن أبيه. قال حبيب بن مسلمة فهلا أجبته، قال عبد الله:
فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان.
قال حبيب: حفظت وعصمت. قال محمود، عن عبد الرزاق: ونوساتها (1)، انتهى بتمامه.
وبمراجعة شروح صحيح البخاري، نرى أن قوله: (قد كان من أمر الناس ما ترين). أراد به ما وقع بين علي عليه السلام ومعاوية من القتال في صفين، واجتماع الناس على الحكومة بينهم.. ثم شاور عبد الله بن عمر أخته حفصة في التوجه إليهم أو عدمه، فأشارت عليه باللحوق بهم خشية أن ينشأ من غيبته اختلاف يفضي إلى استمرار الفتنة.
ومعنى قوله: (فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية) أي: ان حفصة لم تدعه حتى حضر التحكيم بين أبي موسى الأشعري، وعمرو بن

(١) صحيح البخاري ٥: ١٤٠ - كتاب بدء الخلق، باب غزوة الخندق. وقوله: (ونسواتها تنطف) غلط، والصحيح: ونوساتها تنطف، أي ذوائبها تقطر، والمراد من الحبوة: ثوب يلقى على الظهر ويربط طرفاه على الساقين بعد ضمهما. كذا في عمدة القاري للعيني 17 : 185.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»