[...] وبالجملة: فالضمان أولا: يتعلق بعين التالف، وهي ثابتة على عهدة المتلف، ويجب عليه ردها إلى صاحبه، وللمضمون له أن يطالب الضامن عين ماله.
وثانيا: بعد امتناع رد العين إلى صاحبها، يتعلق بقيمتها في القيميات، أو بمثلها في المثليات، ويشهد على استقرار عين التالف في ذمة المتلف، أنه ضامن لقيمة يوم الأداء، كما هو الحق، لا يوم التلف.
فعلى ما ذكرنا، لو نجس مال غيره، أو أحدث فيه أمرا موجبا لزوال وصف الكمال، أو الصحة، وجب عليه رد ذلك المال، وإرجاعه إلى حالته السابقة لو أمكن وإن احتاج إلى مؤنة، فيجب تطهيره بعد تنجيسه، أو تصحيحه بعد تعييبه، أو تسمينه بعد تهزيله، إن أمكن ولو بصرف النفقة.
وأما بالنسبة إلى ما قاله ثانيا: من الفرق بين المسجد وغيره من الأموال الموقوفة بعدم شمول أدلة الضمان للمسجد، لعدم كونه ملكا لأحد، فلأن الفرق المذكور غير ثابت، إذ المسجد وإن لم يكن ملكا لشخص معين، إلا أنه كان متعلقا لحق المسلمين والمصلين، فيثبت فيه الضمان، ولا يكون كالمباحات الأصلية، نظير السمكة في البحر، والحمامة في الفضاء، والغزال في الجبال، مع أن فيها - أيضا - ضمانا و مؤاخذة من جانب الدول والحكومات.
وبالجملة: فكل من صار سببا لحدوث نقص في المسجد، كان ضامنا، ولو نجسه وكان تطهيره متوقفا على بذل مال، ضمنه.