الثالث إن المناط في حرمة الجدال هل هي الخصومة التي بلغت حد التأكيد وإن لم يكن فيه قسم وحلف فملاك الحرمة التنازع والجدال الشديد لا القسم والحلف بلفظ الجلالة وغيره.
أما الأمر الأول فقد ادعى الاجماع على أن الجدال المذكور في الآية المحرم حال الاحرام قول الرجل لا والله وبلى والله كما حكي عن السيد وعن كشف اللثام لا خلاف عندنا في اختصاص الحرمة بهما وعن الغنية والجدال وهو قول الرجل لا والله وبلى والله بدليل اجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
وأورد على ما ذكر بأنه ليس في لغة العرب إن الجدال هو اليمين المذكور فقط وأجاب بعض العلماء عن الايراد المذكور بأنه لا مانع من أن يكون للجدال عند الشرع معنى يغايره ما في اللغة كما في بعض الكلمات مثل الغائط فإنه موضوع لغة للأرض المنحدر إلا أنه عند العرف اسم لشئ خاص يغاير الوضع اللغوي.
وفيه أن استعمال لفظ عند الشرع في معنى مغاير للمعنى اللغوي وإن كان صحيحا وواردا في استعمالات الشرع كما أشار إليه المجيب إلا أن المورد ليس مثل ما ذكر فإن الروايات إنما وردت في بيان معنى الجدال وأنه ذو مراتب ضعيفة وشديدة وما هو الحرام في الحج ما بلغ حد لا والله وبلى والله وأما أصل معنى الجدال وهي الخصومة فمحفوظ فيه دائما ولا يرفع اليد عنه بل ولا يصح ذلك ونشير إليه في الأمر الثالث.
مضافا إلى ما ورد في النصوص من التصريح بأن القسم في بعض الموارد لا يكون جدالا ولو أدى بلفظ لا والله وبلى والله بل يكون اكراما ومحبة لمؤمن كما في رواية أبي بصير قال سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه:
والله لا تعمله فيقول: والله لأعملنه فيحالفه مرارا يلزمه ما يلزم الجدال قال: لا إنما