للطهور الذي لا صلاة إلا به وحيث إن الطبيعة - لا الفرد - تكون موضوعا فلا فرق بين حصول فرد واحد من الحدث أو الأفراد الكثيرة والمتعددة في كفاية طهور واحد، لأن طبيعة الحدث سبب لطبيعة الطهور وما نحن فيه من هذا القبيل، يعني أن طبيعة شرب الخمر تكون سببا لطبيعة الحد فلا فرق بين حصول فرد واحد منها أو عدة أفراد لصدق الطبيعة في كلا الفرضين فتجب طبيعة الحد الصادقة بفرد واحد منه إلى أن يقام عليه الحد فبعد ذلك لو حصل الطبيعة أيضا يكون كالأول فلا يتوهم أنه لو كان الموضوع هو الطبيعة المحضة وصرف الوجود - ولا تعدد لذلك فيلزم الاكتفاء بحد واحد وإن تخلل الحد بينها فإنه بعد حصول الحد فقد انقطع وزال الحقيقة ويكون حينئذ مبدأ الشروع وذلك بعينه كما في باب الحدث فإنه إذا اجتمعت عليه أحداث يكفيه طهور واحد، فإذا أتى به فبعد ذلك يكون مبدأ الأمر فإن حصل بعد ذلك حدث واحد أو أحداث متعددة يكفيه طهور واحد كالأول.
وهنا وجه سادس يبدو في الذهن ولعله أحسن طرق الاستدلال في المقام وهو أن المستفاد من نفس الأخبار الواردة الناطقة بحكم الشارب الذي شرب الخمر بعد أن شرب مرة أخرى وحد عليه أنه لو شرب ولم يحد ثم عاد إلى شربه فإنه لا يقام عليه أكثر من حد واحد فراجع الأخبار الماضية حيث قد تعرضت لحكم الشارب أولا وأنه يجلد ثم لحكمه إذا شرب ثانيا بعد أن كان قد جلد وأنه يجب جلده ثانيا فكأنه قيل: إن شارب الخمر إذا شرب ثم حد ثم شرب يجلد، والمفهوم منه أنه إذا شرب ولم يحد ثم شرب مرة أخرى فإنه لا يتعدد الجلد وأنه إذا شرب بلا حد ثم شرب أيضا يجلد حينئذ فيكفي الجلد مرة واحدة، فالسبب هو الشرب مع الجلد، ولو كان كل شرب سببا لقيل: لو شرب ثم شرب ثم شرب يحد للأولين ويقتل في الثالث، وبذلك قد علم أن سبب تكرر الحد هو الشرب بعد الحد دون الشرب بعد الشرب، والعجب من العلماء الأعلام رضوان الله عليهم أجمعين كيف لم يتمسكوا بهذا الوجه في إثبات المطلوب.