والحاصل إنه لا دليل لنا تطمئن إليه النفس في الحكم بوجوب التعزير في كل معصية بل ولا في خصوص الكبائر منها.
خامسها إن التعزير يكون بما دون الحد وذلك لصريح الرواية ففي صحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: كم التعزير؟ فقال: دون الحد قال: قلت: دون ثمانين؟ قال: لا ولكن دون أربعين فإنها حد المملوك.
قال: قلت: وكم ذاك؟ قال: على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوة بدنه (1).
فهذا لا كلام فيه وإنما البحث والاشكال في المراد من هذا الحد الذي يكون التعزير دونه، ولا بد من تعيين ذاك الحد حتى يعتبر التعزير إليه ويحكم بوجوب كون التعزير دونه وأقل منه. وهاهنا وجوه واحتمالات:
فمنها أنه هو الحد الكامل وهو حد الزنا أي المأة جلدة.
ومنها أقل الحدود وهو الخمسة والسبعون، حد القيادة فإنه أقل جميع الحدود بالنسبة إلى الأحرار.
ومنها أن يكون المراد الأربعين فإنه أقل الحدود الذي ليس دونه حد وهو حد العبد فيعتبر في التعزير أن لا يبلغ الأربعين وإن كان التعزير تعزير الأحرار (2).
ومنها أن المراد هو الحد المناسب للعمل الذي يريد التعزير عليه فالمعيار في ما ناسب الزنا كالتفخيذ واللمس والاضطجاع مع الأجنبية هو الزنا، فيجب أن لا يبلغ حده وهو مأة، وفي ما ناسب القذف كالتعريض يعتبر أن يكون دون حد القذف وهو ثمانون وفي ما ناسب شرب الخمر يشترط أن يكون أقل من حده وهو أيضا الثمانون وفي ما يناسب القيادة لا بد أن لا يبلغ حدها وهو خمس