أقول: يعني في قبال الروايات الدالة بالمنطوق على جواز العفو مطلقا، ولا شك في أن دلالة المنطوق الدال على الجواز أقوى من دلالة المفهوم الدال على عدم جواز العفو بعد الرفع فإنه ضعيف. هذا. وكذا هما غير جامعين لشرائط الحجية - لضعف الروايتين سندا (1) - خلافا لما دل على الجواز على ما تقدم.
ثم إنا نزيد على ما ذكره أن الرواية الأولى متعلقة بباب السرقة دون القذف الذي هو محل الكلام.
وإن كان ربما يتوهم أن قوله عليه السلام: إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام إلخ يشعر بالتعميم وإرادة مطلق الحد وإن لم يكن حد السرقة إلا أنه بعد تفصيل الإمام أبي جعفر عليه السلام في خبر ضريس المذكور آنفا بأنه لا يعفى عن الحدود التي لله سوى الإمام وأما ما كان من حقوق الناس فلا بأس بأن يعفى عنه غير الإمام، فلا بد من أن يكون المراد هو هذا الحد أي حد السرقة الذي هو من حقوق الله تعالى. فهذا الخبر يدل على عدم جواز العفو في حقوق الله تعالى وإن كان بظاهره يفيد العموم لكن لا بد من الحمل على ذلك والمخصص هو خبر ضريس، والنتيجة أنه إذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لا حد أن يتركه إذا كان حق الله سبحانه، وأين هذا من العفو عن حد القذف الذي هو حق الناس.
هذا مضافا إلى ما في متن الخبر الأخير من إيجاب خمسين جلدة عليه فإنه لا يلائم ما هو المقرر من أن حد القذف ثمانون فنصفه يكون أربعين والمفروض في الرواية هو عتق نصف الجارية المقذوفة فكيف يلزم جلد خمسين، وقد تقدم توجيه ذلك بأنه إما أن يكون العشرة الزائدة من باب التعزير أو أن المراد من النصف قسم منها وهو خمسة أثمانها، كما ذكره الشيخ قدس سره فقد أريد بالنصف معناه المجازي.
وكيف كان فالحق ما هو المشهور من جواز العفو مطلقا بلا فرق بين الزوجة وغيرها.