نعم مقتضى هذا الخبر أن البالغ إذا قذف الصغير يحد كما إذا قذف الكبير ومن المعلوم أن قذف الصغير لا يوجب الحد ولذا قال الشيخ قدس سره: ما تضمن هذا الخبر من إيجاب الحد على من قذف صبيا محمول على أنه قذفه بنسبة الزنا إلى أحد والديه كأن يقول: يا بن الزاني أو الزانية أو زنت بك أمك أو أبوك، لأن ذلك يوجب عليه الحد على الكمال... (1).
لكن فيه أنه خلاف الظاهر جدا فإن الظاهر من العبارة هو افتراء الكبير على الصغير وكون الصغير بنفسه مفترى عليه، والحق أن طرح هذا الخبر أولى من الجمع كذلك لدلالة أخبار متعددة على عدم حد من قذف الصبي.
وكيف كان فإذا قذف القاذف غير البالغ فلا يقام عليه الحد وأما لزوم تعزيره أو تأديبه وعدم ذلك فهو أمر آخر لسنا بصدده في هذا المقام - وقد مر ما يناسب ذلك فراجع.
ثم إنك قد علمت أن صاحب الجواهر استدل لقول المحقق باعتبار البلوغ في الحد بعدم الخلاف، والاجماع وحديث رفع القلم وغير ذلك وحيث إن المحقق حكم بتعزيره - أي تعزير القاذف الذي كان صبيا - قال في الجواهر: مع تمييزه على وجه يؤثر التعزير فيه، كفا عن مثل ذلك انتهى فقد جعل الدليل على لزوم تعزيره هو كفه عن مثل ما فعله، فليس هو كالأول أي عدم حده الذي دلت عليه النصوص فليس في ما ذكر من الروايات ذكر عن التعزير.
هذا مضافا إلى عدم تحقق سيرة المتشرعة على تعزير أطفالهم على كل ما يفعلونه من الآثام والذنوب.
وعلى الجملة فهذا البحث جدير بالتأمل والتحقيق، وحقيق بالنظر والتدقيق كي يتضح ما هو الوظيفة الآن بالنسبة إلى الصغار من الأولاد وأنه هل يلزم تعزيرهم على كل ما يصدر عنهم من الذنوب والمعاصي أم لا؟.