بالمعصية الكبيرة فليس هي إلا اللواط ولم يثبت ذلك فلو كان يثبت ذلك لوجب الحد وإلا فلا تعزير أيضا.
ويمكن أن يقال: إن الأمر هنا يتصور على وجهين:
أحدهما أن ثبوت المعصية محتاج إلى الأربع فبدونه لا يثبت، ولا حد هناك.
ثانيهما أن يقال بثبوته بذلك إلا أنه لا يقام الحد بدون الأربع فإن كان إثبات المعصية منوطا بالأربع فبدونه لا يثبت فلا وجه للحد لعدم ثبوت الفسق.
وأما إنه يثبت إلا أن الحد كان منوطا بالأربع فهو بعيد جدا لأن الحد متعلق باللواط والزنا على ما هو لسان الأدلة كقوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة) (1).
هذا مضافا إلى منافاة هذا لما يظهر من صحيح مالك بن عطية المذكورة آنفا حيث إن الإمام عليه السلام لم يعزره في المرة الأولى مثلا وهل أنه لو كان المقر لا يرجع بعد إقراره الأول كان الإمام يستحضره ويعزره؟ بل الظاهر أنه كان يخلي سبيله ويتركه وترى أنه عليه السلام أمر بالذهاب إلى منزله.
وعلى الجملة فظاهر هذه الرواية خصوصا بقرينة قوله: اذهب إلى منزلك وقوله: لعل مرارا هاج بك، هو تخصيص إقرار العقلاء على أنفسهم جائز وعدم قبول الاقرار مرة واحدة وإنه لا يؤثر شيئا فكما أنه لا يوجب الحد كذلك لا يوجب التعزير وإلا لكان يلزم التعزير على كل إقرار من أقاريره وإن كان يلزم الحد بتمام الأربع وقد استشكل السيد صاحب الرياض قدس سره في الحكم بالتعزير بذلك فراجع.
والحاصل أن المستفاد من الأخبار هو استثناء الزنا واللواط عن سائر المعاصي في أنه يكتفى فيها بشاهدين أو إقرارين فلا يكتفى فيهما بذلك بل لا بد من أربعة شهود أو أربعة أقارير فقد جعل الشارع الطريق إلى إثباتهما ذلك، ودون ذلك ليس بحجة ولا أثر له حتى التعزير كما أنه جعل علم الحاكم طريقا إليه