بخوف التلف وخشية الهلاك بتعاون الجلد والهواء فيؤخر من شدة البرد والحر إلى اعتدال الهواء، ففي الشتاء ينتظر وسط النهار وفي الصيف طرفاه.
وتدل على ذلك الأخبار الشريفة التي أخرجها المحدث الحر العاملي في باب عنوانه: باب أنه ينبغي إقامة الحد في الشتاء في آخر ساعة من النهار وفي الصيف في أبرده.
فعن هشام بن أحمر عن العبد الصالح عليه السلام قال: كان جالسا في المسجد وأنا معه فسمع صوت رجل يضرب صلاة الغداة في يوم شديد البدر فقال:
ما هذا؟ قالوا رجل يضرب، فقال: سبحان الله في هذه الساعة؟ إنه لا يضرب أحد في شئ من الحدود في الشتاء إلا في آخر ساعة من النهار ولا في الصيف إلا في أبرد ما يكون من النهار (1).
وعن أبي داود المسترق عن بعض أصحابنا قال: مررت مع أبي عبد الله عليه السلام وإذا رجل يضرب بالسياط، فقال أبو عبد الله عليه السلام: سبحان الله في مثل هذا الوقت يضرب؟ قلت له: وللضرب حد؟ قال: نعم، إذا كان في البرد ضرب في حر النهار، وإذا كان في الحر ضرب في برد النهار (2).
وعن سعدان بن مسلم عن بعض أصحابنا قال: خرج أبو الحسن عليه السلام في بعض حوائجه فمر برجل يحد في الشتاء فقال: سبحان الله ما ينبغي هذا فقلت: ولهذا حد؟ قال: نعم، ينبغي لمن يحد في الشتاء أن يحد في حر النهار ولمن حد في الصيف أن يحد في برد النهار (3).
والظاهر من هذه الروايات هو الوجوب فإن الاستعجاب الوارد فيها لا يناسب ارتكاب خلاف المستحب وإنما يناسب ارتكاب أمر ليس بجائز، ولا ينافي ذلك اطلاق لفظ ينبغي في الرواية الأخيرة بعد ظهور ساير الأخبار بل ونفس هذا الخبر في الوجوب فإن قول الراوي: لهذا حد؟ وجواب الإمام عليه السلام