المحصنات من العذاب (1) تقريب الاستدلال به، إنه لو كانت المرأة الحرة يجب عليها التغريب لكان على الأمة نصفها وقد أجمعنا على أنه لا تغريب على الأمة لقوله عليه السلام: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها، فكان هذا كل الواجب.
قوله: لكان على الأمة نصفها، يعني ستة أشهر مثلا.
وهنا أمور اعتبارية قد تمسك بها بعض وزاد في الاستدلال.
منها أنه لو غربت فإما مع محرم لها أو زوج ولا تزر وازرة وزر أخرى (2) أولا، ولا يجوز لقوله (عليه السلام) لا يحل لامرأة أن تسافر من غير ذي محرم.
ومنها أن الشهوة غالبة فيهن والغالب أن انزجارهن واحترازهن عن الزنا لاستحيائهن من الأقارب ووجود الحفاظ لهن من الرجال، وبالتغريب يخرجن من أيدي الحفاظ ويقل حياؤهم لبعدهن من أقاربهن ومعارفهن وربما اشتد فقرهن ويصير مجموع ذلك سببا لانفتاح باب هذه الفاحشة العظيمة عليهن.
ومنها أنه ربما يقهرن عليه إذا بعدن من الأقارب والمعارف.
ولا يخفى أن هذه الأدلة ليست بحيث يتمسك بها ويعتمد عليها في اثبات الحكم الشرعي إذا كان في قبالها دليل متين على اعتبار النفي فيهن.
أما الأصل فحاله معلوم لأنه دليل حيث لا دليل، وأما الآية فيمكن الخروج عن ظاهرها في مورد بالدليل وأما هذه الأمور فأمور اعتبارية ووجوه استحسانية لا يتمسك بها إلا توجيها للحكم الثابت لا في اثبات أصل الحكم.
نعم لو تحقق الاجماع فهو الدليل الذي لا مفر عنه، ولعله محقق، فإن الخلاف في المسألة غير معتد به لأنه لم يخالف إلا واحد أو اثنان وهما حسن بن أبي عقيل وابن الجنيد (3) وهو لا يقدح في الاجماع.