الرسائل - السيد الخميني - ج ١ - الصفحة ١٣٥
الثاني والثالث ان في الثالث لا يحتمل بقاء عين ما كان دون الثاني لاحتمال بقاء عين ما كان موجودا، فخلط بين احتمال بقاء ما هو المتيقن بما انه متيقن الذي هو معتبر في الاستصحاب وبين احتمال بقاء الحيوان المحتمل الحدوث، ففي الآن الثاني وان احتمل بقاء حادث لكن هو احتمال بقاء ما هو محتمل الحدوث لا معلومه «نعم» لو أضيف الحدوث والبقاء إلى نفس الطبيعة بلا إضافة إلى الخصوصيات يكون الشك في بقاء المتيقن في كلا المقامين الا ان يتشبث بحكم العرف بنحو ما ذكرنا آنفا، والمسألة محتاجة إلى مزيد تأمل لعدم الخلو من الخدشة والإشكال والنقض، وبما ذكرنا يجمع بين ما قلنا مرارا بان كثرة الإنسان بكثرة الافراد عرفي كما هو عقلي، وبين ما قلنا من جريان الاستصحاب في القسم الثاني وفي بعض موارد القسم الثالث وعليك بالتأمل التام في موارد الجريان وعدمه (1)

(١) وقد يتخيل انه على فرض صحة جريان الاستصحاب في القسم الثالث يلزم منه الحكم بعدم جواز مس كتابة القرآن لمن احتمل الجنابة في حال النوم وتوضأ بعد الانتباه لأنه لو قلنا بجريان استصحاب الحدث في حقه كان اللازم ترتيب الأحكام المشتركة بين الحدث الناشئ من النوم والجنابة عليه ما دام لم يغتسل كعدم جواز مس المصحف مع انه لا يمكن الالتزام به واما إذا قلنا بعدم جريانه فيه جاز له فعل كل مشروط بالطهارة ولا يجب عليه الغسل هذا.
ولكنه يندفع بان الجامع بين الحدثين لم يكن مجعولا من قبل الشارع ولم يكن موضوعا ذا أثر شرعي حتى يستصحب ويترتب الآثار المشتركة بينهما عليه بل كلما يتصور انما هو جامع انتزاعي عقلي ولا يترتب عليه أثر شرعي، ومن هذا يدفع توهم استصحاب الوجوب الجامع بين وجوب صلاة الظهر ووجوب صلاة الجمعة لعدم جعل الشارع وجوبا جامعا بين الوجوبين ولم يكن للجامع الانتزاعي أثر شرعي حتى يستصحب كما لا يخفى، واما اشتراك الحدث الأصغر والأكبر في بعض الأحكام لا يوجب الحكم بان الحدث الجامع بين الحدثين موضوع للحكم الشرعي الا ترى ان ما ورد في روايات باب الوضوء من عد البول والغائط والريح والنوم عللا أربع مع اشتراكهم في الأثر.
وقد يقال في دفعه: ان في المثال خصوصية تقتضي عدم وجوب الغسل وجواز فعل كل مشروط بالطهارة، لا ان الاستصحاب في المثال ليس من القسم الثالث وذلك لأن قوله تعالى:
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله: وان كنتم جنبا فاطهروا - يدل على وجوب الوضوء على من كان نائما ولم يكن جنبا، فقد أخذ في موضوع وجوب الوضوء قيد وجودي وهو النوم وقيد عدمي وهو عدم الجنابة وهذا القيد العدمي وان لم يذكر في الآية الشريفة صريحا الا انه من مقابلة الوضوء للغسل والنوم للجنابة يستفاد منها ذلك فان التفصيل بين النوم والجنابة والوضوء والغسل قاطع للشركة - بمعنى انه لا يشارك الغسل للوضوء ولا الوضوء للغسل كما يستفاد نظير ذلك من آية الوضوء والتيمم فان قوله تعالى: وان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا - يدل على ان وجدان الماء قيد في موضوع وجوب الوضوء وان لم يذكر في آية الوضوء صريحا الا انه من مقابلة الوضوء للتيمم يستفاد ذلك لأن التفصيل قاطع للشركة - إلى ان قال: انه يستفاد من الآية الشريفة كون الموضوع لوجوب الوضوء مركبا من النوم وعدم الجنابة فيكون المثال المتقدم من صغريات الموضوعات المركبة التي قد أحرز بعض اجزائها بالوجدان وبعضها الاخر بالأصل فان النائم الذي احتمل الجنابة قد أحرز جزئي الموضوع لوجوب الوضوء وهو النوم بالوجدان وعدم الجنابة بالأصل فيجب عليه الوضوء لما عرفت من انه لا يجتمع على المكلف وجوب الوضوء والغسل معا لأن سبب وجوب الوضوء لا يمكن ان يجتمع مع سبب وجوب الغسل فان من اجزاء سبب وجوب الوضوء عدم الجنابة فلا يعقل ان يجتمع مع الجنابة التي هي سبب وجوب الغسل فإنه يلزم اجتماع النقيضين.
ولكنه يقال أولا: ان ما قاله من ان التفصيل بين النوم والجنابة والوضوء والغسل في الآية الشريفة قاطع للشركة في غير محله لأن من الواضح ان التفصيل في قولنا: إذا جاءك زيد فأكرمه وإذا جاءك عمر وفأهنه لا يدل على ان المجيء الذي سبب في وجوب إكرام زيد مقيد بعدم مجيء عمرو - أو ان موضوع الإكرام مركب من مجيء زيد وعدم مجيء عمرو وهكذا، ، الأمر بالنسبة إلى إهانة عمرو بل التفصيل هنا يدل على ان مجيء زيد سبب مستقل لوجوب إكرامه وان مجيء عمرو سبب مستقل آخر لوجوب إهانته فإذا اجتمع السببان يؤثر كل منهما في مسببه و (عليه) فمجرد ذكر الغسل عقيب الوضوء والجنابة عقيب النوم لا يدل على ما ذكره رحمه الله، على ان العطف في الآية الشريفة بالواو لا ب (أو) شاهد على ما قلنا فعلى هذا لو لم يكن دليل غير هذه الآية على اكتفاء الغسل عن الوضوء لكنا نحكم بان الواجب عند اجتماع النوم والجنابة بالجمع بين الوضوء والغسل - وثانيا - ان ما استفاده من مقابلة آية الوضوء والتيمم من ان وجدان الماء قيد في موضوع وجوب الوضوء غير وجيه لأنه لا يمكن إيجاد الوضوء بدون الماء عقلا لا بدلالة الآية.
وثالثا - لو سلمنا ان عدم الجنابة أخذ في موضوع وجوب الوضوء وانه مركب من جزءين وان أحد جزئي الموضوع في المثال قد أحرز بالوجدان والجزء الاخر بالأصل ولكن لا نسلم ان اجتماع النقيضين في المثال يوجب عدم جريان استصحاب الحدث في حقه لأن امتناع اجتماع النقيضين انما يكون في الأمور الواقعية لا الأمور التعبدية والاعتبارية كيف وقد استصحبوا الجامع في القسم الثاني من استصحاب الكلي مع ان أحد الفردين محكوم بالزوال وجدانا والاخر بالأصل، على ان الحكم بوجود الجامع وعدم الحكم بخصوصية أحد الفردين يكون حكما باجتماع النقيضين لأن الجامع لا يخلو منهما فعلى هذا لا يلزم من استصحاب الحدث تناقض بحسب مقام التعبد فتأمل - فالحق في الجواب ما ذكرناه -
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 3
2 في قاعدة لا ضرر 5
3 في نقل الأحاديث 6
4 في حال ورود لا ضرر في ضمن القضايا 15
5 في الإشكالات الواردة على وروده في ذيل الشفعة ومنع فضول الماء (ولا يخفى ان ما في الكتاب من العنوان سهو) 18
6 في تأييد عدم وروده في ذيل القضيتين 22
7 في معنى مفردات الحديث 28
8 في الفرق بين الضرر والضرار 30
9 في مفاد الجملة التركيبية 33
10 في محتملات كلام الشيخ 34
11 في وجوه الحقيقة الادعائية 35
12 البحث في حول محتملات كلام الشيخ 41
13 حول الإشكالات الغير المشتركة 43
14 حول ما أفاده الشيخ الشريعة الأصفهاني 46
15 حول المختار في معنى الرواية 49
16 نتيجة ما أصلناها 54
17 فذلكة المقام 57
18 إشكال ودفع 58
19 في التنبيه على أمور: الأول 59
20 التنبيه الثاني 63
21 التنبيه الثالث 64
22 التنبيه الرابع 65
23 في الاستصحاب 69
24 في تعريف الاستصحاب 70
25 في الاحتمالات التي في الباب 72
26 الاستصحاب ليس من الأدلة الأربعة 74
27 حال جريان الاستصحاب في الأحكام العقلية 76
28 حول الإشكالات الواردة على الشيخ الأنصاري وجوابها 77
29 في تحقيق الحال في المقام 78
30 حول التفصيل بين الشك في الرافع والمقتضى 80
31 في ذكر اخبار الاستصحاب 82
32 حول تقريبات الاعلام في اختصاص حجية الاستصحاب بالشك في الرافع 88
33 تحقيق الحق في الشك في الرافع والمقتضى 90
34 في بيان جواب تقريب المولى الهمداني (ره) 91
35 تقريب آخر لشمول الأدلة للشك في المقتضى 93
36 في تأييد اختصاصه بالشك في الرافع والجواب عنه 94
37 مورد الاستدلال بالرواية واحتمالاته 97
38 في الإشكال على أقوى الاحتمالات والجواب عنه 98
39 إشكال آخر على الاحتمال المتصور 100
40 في الذب عن الإشكال 101
41 في الصحيحة الثالثة 103
42 في بيان احتمالات الرواية 104
43 في بيان أظهر الاحتمالات في الرواية 106
44 حول الاستدلال بأدلة قاعدتي الحلية والطهارة على الاستصحاب والجواب عنه 111
45 حول الأحكام الوضعية وتحقيق مهيتها 114
46 في بعض موارد الخلط بين التكوين والتشريع 115
47 ومن الخلط بين التكوين والتشريع ان السببية غير قابلة للجعل 117
48 في ان الملكية ليست من المقولات حقيقة 119
49 في أقسام الوضعيات 119
50 تنبيهات: 121
51 الأول - حول اعتبار فعلية اليقين والشك في الاستصحاب وأخذهما في موضوعه على نعت الموضوعية 121
52 حول الإشكال على جريان الاستصحاب في مؤديات الأمارات 123
53 الثاني - في أقسام استصحاب الكلي 125
54 في الجواب عن الشبهة العبائية 129
55 في القسم الثالث من الكلي 132
56 حول أصالة عدم التذكية 136
57 في تحقيق القضايا السالبة 138
58 في بيان مناط الصدق والكذب في القضايا 141
59 في حال أصالة عدم التذكية 144
60 كلام المولى الهمداني وجوابه 146
61 كلام المولى الهمداني وجوابه 146
62 في الشبهات الموضوعية 148
63 التنبيه الثالث - في حال استصحاب المتصرمات 150
64 في تحقيق المقام 151
65 في حال استصحاب الزمانيات 154
66 في شبهة النراقي 156
67 في جواب الشيخ عن الشبهة وما فيه 157
68 في جواب المحقق الخراساني ورده 159
69 في جواب المحقق النائيني والإشكال عليه 160
70 في جواب شيخنا العلامة وما فيه 162
71 في الجواب عن الشبهة 163
72 التنبيه الرابع - في الاستصحاب التعليقي 164
73 حول كلام بعض الأعاظم وما فيه 167
74 في حال معارضة الاستصحاب التعليقي مع التنجيزي 169
75 في بيان حكومة الاستصحاب التعليقي على التنجيزي 173
76 التنبيه الخامس - حول الاستصحاب أحكام سائر الشرائع 175
77 التنبيه السادس - في الأصول المثبتة 177
78 في حال مثبتات الأصول 178
79 في بيان الفرق بين الآثار الشرعية وغيرها 181
80 حول الوسائط الخفية 183
81 في حال الأمثلة التي ذكرها الشيخ 185
82 في ان الاستصحاب العنوان المنطبق على الخارج ليس بمثبت 187
83 حول استصحاب الأحكام الوضعية 188
84 في جريان الأصل بلحاظ الأثر العدمي 190
85 التنبيه السابع - في مجهولي التاريخ 192
86 في ضابط اتصال زمان الشك باليقين 193
87 إشكال المحقق الخراساني في مجهولي التاريخ وجوابه 196
88 تقرير إشكال شيخنا العلامة في مجهولي التاريخ وجوابه 197
89 فروض ترتب الأثر على وجود الحادثين 199
90 في تحقيق الحال في المقام 200
91 فيما إذا كان أحدهما معلوم التاريخ 203
92 حول كلام بعض العلماء وما فيه 204
93 التنبيه الثامن - في موارد التمسك بالعموم واستصحاب حكم المخصص 205
94 في تقرير التفصيل بين الخروج من الأول والأثناء 212
95 التنبيه التاسع - في ان المراد بالشك في الأدلة ما ذا؟ 214
96 خاتمة - في اعتبار وحدة القضية المتيقنة والمشكوك فيها 215
97 في الإشكال على الشيخ الأعظم في مسألة بقاء الموضوع 216
98 في تمسك الشيخ الأعظم بالدليل العقلي لمدعاه وما فيه 217
99 حول توجيه شيخنا العلامة كلام الشيخ وما يرد عليه 220
100 في ان الاستصحاب لا يجدى في إحراز موضوع القضية المستصحبة 221
101 في الخلط الواقع في كلام بعض الأعاظم 223
102 في ان الموضوع هل يؤخذ من العرف أولا؟ 224
103 حول كلام المحقق الخراساني وما يرد عليه 226
104 في ان المراد من العرف ليس العرف المسامح 227
105 في ان اخبار الباب هل تختص بالاستصحاب أو تعم غيره؟ 229
106 حول إشكال الشيخ الأعظم على إمكان الجمع بين القاعدتين 230
107 تقرير بعض الأجلة كلام الشيخ وإقامة البرهان عليه - وفي الجواب عنهما 231
108 حول كلام العلامة الحائري (قده) وجوابه 233
109 حول تقدم الأمارات على الاستصحاب 236
110 في بيان ضابط الحكومة 236
111 في حال الاستصحاب مع الأمارات 241
112 حول تعارض الاستصحابين 244
113 في وجه تقدم الأصل السببي على المسببي 246
114 نقل كلام الشيخ الأعظم ونقده 247
115 في الإشكال على ما قالوا في وجه طهارة الملاقى لبعض طرف العلم 249
116 في دفع إشكال أوردناه على صحيحة زرارة 250
117 في القسم الثاني من تعارض الاستصحابين 251
118 في عدم جواز ترجيح ذي المزية بشيء من المرجحات 252
119 حول وجهي التخيير والجواب عنهما 254
120 الكلام في قاعدة اليد 257
121 في الدليل على اعتبارها 258
122 في حكم اليد على المنفعة 266
123 هل اليد معتبرة مع عدم علم ذي اليد واعترافه به؟ 267
124 في حال اليدين على شيء واحد 269
125 حول كلام السيد المحقق الطباطبائي (قده) وما يرد عليه 270
126 في إقامة الدعوى على ذي اليد وفروعها 278
127 تنبيه - في الاحتجاج في امر فدك 279
128 في فروع العلم بسابقة اليد 281
129 في كون ما في اليد وقفا سابقا 283
130 قاعدة التجاوز والفراغ 283
131 في حال الاستصحاب مع قاعدة التجاوز والفراغ 283
132 في ذكر الاخبار التي يستفاد منها القاعدة الكلية 284
133 في ان المراد من الشك في الشيء هو الشك في الوجود 287
134 في ان المستفاد من الروايات قاعدة واحدة وهي التجاوز 289
135 في ان المراد من المحل هو المحل الشرعي 297
136 هل الدخول في الغير معتبر في القاعدة أم لا؟ 299
137 هل المضي على وجه العزيمة أو الرخصة؟ 303
138 في ان القاعدة من الأمارات أو الأصول 305
139 في ان القاعدة أصل محرز حيثي 309
140 في أنحاء الشكوك العارضة للمكلف 312
141 حول كلام بعض المحققين وما يرد عليه 313
142 في حال الشك في العبادات 315
143 في حال الشك في المعاملات 316
144 في اختصاص القاعدة بالشك الحادث 318
145 في وجه تقدمها على الاستصحاب 319
146 في أصالة الصحة ودليل اعتبارها 320
147 في ان الصحة هي الواقعية أم لا 322
148 حول أقسام الشك في العمل وأحكامها 324
149 في اختصاصها بما إذا شك في تحقق الشيء صحيحا 327
150 في ان جريان أصالة الصحة بعد إحراز نفس العمل 331
151 في عدم حجية مثبتات أصالة الصحة 334
152 حول موارد تقدم أصالة الصحة على الاستصحاب ووجهه 335
153 في حال الاستصحاب مع قاعدة القرعة 337
154 ذكر الاخبار الواردة في القرعة وعد بعض موارد ورد فيها النص بالخصوص 337
155 في ان عمومات القرعة هل وردت عليها تحقيقات كثيرة أم لا؟ 346
156 في ان القرعة ليست أمارة على الواقع 352