بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١١٨
فللفاعل أقسام ثمانية:
أحدها: الفاعل بالطبع، وهو الذي لا علم له بفعله، مع كون الفعل ملائما لطبعه، كالنفس في مرتبة القوى البدنية الطبيعية، تفعل أفعالها بالطبع.
الثاني: الفاعل بالقسر، وهو الذي لا علم له بفعله، ولا فعله ملائم لطبعه، كالنفس في مرتبة القوى عند المرض، فإن الأفعال تنحرف فيه عن مجرى الصحة لعوامل قاسرة.
الثالث: الفاعل بالجبر، وهو ما له علم بفعله وليس بإرادته، كالإنسان يكره على فعل ما لا يريده.
الرابع: الفاعل بالرضا، وهو الذي له إرادة وعلمه التفصيلي بالفعل عين الفعل وليس له قبل الفعل إلا علم إجمالي به بعلمه بذاته، كالإنسان يفعل الصور الخيالية وعلمه التفصيلي بها عينها وله قبلها علم إجمالي بها بعلمه بذاته، وكفاعلية الواجب للأشياء عند الإشراقيين (1).
الخامس: الفاعل بالقصد، وهو الذي له إرادة وعلم بفعله قبل الفعل، بداع زائد، كالإنسان في أفعاله الاختيارية (2).
السادس: الفاعل بالعناية، وهو الذي له إرادة وعلم سابق على الفعل زائد على ذات الفاعل، نفس الصورة العلمية منشأ لصدور الفعل من غير داع زائد، كالإنسان الواقع على جذع عال، فإنه بمجرد توهم السقوط يسقط على الأرض، وكالواجب في إيجاده على قول المشائين (3).

(1) نسب إليهم في الأسفار 2: 224، والشواهد الربوبية: 55، وشوارق الإلهام: 552، وشرح المنظومة: 121. وراجع شرح حكمة الإشراق: 362 - 365.
(2) وكالواجب عند جمهور المتكلمين على ما في الأسفار 2: 224، والشواهد الربوبية: 55، وشرح المنظومة: 121. وقال المحقق اللاهيجي في شوارق الإلهام: 552: " فاعلم أن الأشبه أن مراد محققي المعتزلة من كون الإرادة عين الداعي الذي هو العلم بالأصلح انما هو الذي ذهب إليه الفلاسفة على ما ذكرنا، فيكون الواجب (تعالى) عندهم أيضا فاعلا بالعناية ".
(3) راجع التعليقات للشيخ الرئيس: 18 - 19، وشرح الإشارات 2: 151. ونسب إليهم في الأسفار 2: 224، وشوارق الإلهام: 550، وشرح المنظومة: 120.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»