الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٦
ذهن المتعلم للفلسفة التي بعد الطبيعيات سهل عليه تصور ما يقوله أفلاطن و أرسطاطاليس ومن سلك سبيلهما فلنرجع الان إلى حيث فارقناه.
فنقول لما كان الباري تعالى وتقدس حيا مريدا لهذا العالم بجميع ما فيه فواجب ان يكون عنده صور ما يريد ايجاده في ذاته جل الاله عن الأشباح وأيضا فان ذاته لما كانت باقيه ولا يجوز عليه التبدل والتغير فما هو من حيزه أيضا كذلك باق غير داثر ولا متغير ولو لم يكن للموجودات صور وآثار في ذات الموجد الحي المريد فما الذي كان يوجده وعلى أي مثال ينحو ما يفعله أو يبدعه اما علمت أن من نفى هذا المعنى عن الفاعل الحي المريد لزمه القول بان ما يوجده انما يوجده جزافا وعلى غير قصد ولا ينحو نحو غرض مقصود بإرادته وهذا من أشنع الشناعات فعلى هذا المعنى ينبغي ان يعرف ويتصور أقاويل أولئك الحكماء (1) فيما أثبتوه من الصور الإلهية لا على أنها أشباح قائمه في أماكن خارجه عن هذا العالم (2) فإنه

(1) لما كان مذهب المعلم العلم الصوري فبعد ما أثبته في ذات الموجد ارجع أقاويل أولئك الحكماء الأفلاطونيين في اثبات المثل إلى مذهبه واستشهاد المصنف قده في ذلك أنه إذا أرجعت المثل إلى الصور المتصلة دل على أن تلك المثل غير خارجه من ذاته وان الصور إذا كانت مثلا نورية لم تكن اعراضا ولو لم تكن لوازم موجودة بوجوده تعالى بل كانت صادره لزم الايجاد الجزافي كما قال في ايجاد الموجودات الخارجية لو لم تسبق بالعلم وذلك لأنها لو صدرت عن علم لزم التسلسل والا لزم الجزاف فلا بد أن تكون أزلية بأزليته موجودة بوجوده س قده (2) لا يخفى انها لو لم تكن صورا متصلة بذاته تعالى كانت لوازم مبائنة قائمه بذواتها لا انها أشباح ولا انها في أماكن ولا خارجه من هذا العالم بل انها بواطن هذا العالم لا في عرضه ولا يلزم أيضا عوالم غير متناهية فاعلم أن أحد تأويلات المثل هو المقادير التعليميات القائمة بذواتها أي المثل المعلقة التي هي بإزاء كل جزئي جزئي من كل نوع كما مر في السفر الأول فمقصود المعلم ان التأويل الصحيح للصور الإلهية هو انها الصور العلمية المتصلة لا انها مقادير وممتدات والحال انها تكون أمورا خارجه من هذا العالم وانما كانت في أماكن إذ المادة والصورة عندهم متلازمتان فتكون أجساما والجسم لا بد له من مكان فيلزم عوالم جسمانية كل منها في عرض الاخر وقد أبطله أرسطاطاليس بلزوم الخلاء لان تماس الكرتين بالنقطة وبغير ذلك كما أشار إليه وقد مر أيضا وانما كانت غير متناهية لان كل عالم جسماني مسبوق بالعلم والمفروض ان العلم أشباح ومقادير قائمه بذواتها فيلزم عوالم غير متناهية ويمكن ان يكون معنى كلامه انه لو لم تكن الصور الإلهية عقولا و صورا علمية داخله في صقع الربوبية وبواطن هذا العالم وفي طوله بل كانت عقولا قائمه في أماكن خارجه عن هذا العالم أي في عرضه بان لا تكون أنواع هذا العالم أظلالها ومربوباتها فإنه متى تصورت على هذا السبيل يلزم القول بوجود عوالم غير متناهية فان العقول لا محاله فعاله تقتضي اظلالا من الأنواع الطبيعية كما أن جميع ما في عالمنا الأدنى اظلال لما في العالم الاعلى وانما كانت عوالم غير متناهية لان الصور العلمية إذا كانت كذلك كانت عالما عينيا امكانيا فاحتاجت إلى صور علمية أخرى سابقه والكلام فيها أيضا كالكلام في الأولى فكل الصور عالم واحد مسبوقه بصور أخرى هي أيضا عالم آخر وهلم جرا وهذا هو المراد من العوالم غير المتناهية كما في المعنى الأول وليس المراد ان كل صوره من الصور الإلهية تكون عالما والصور غير متناهية فالعوالم غير متناهية وان كانت افراد كل نوع له صوره في علمه تعالى غير متناهية وهذا ظاهر فعلى هذا كونها أشباحا انما هو لكونها صورا علمية حاكيه عن المعلومات التي تحتها وكونها في أماكن خارجه من هذا العالم كناية عن كونها في عرضه بالفرض والمعنى الأول أظهر - س قده.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 2
2 الموقف الأول في الإشارة إلى واجب الوجود 11
3 الفصل (1) في اثبات وجده والوصول إلى معرفة ذاته 12
4 برهان الصديقين وهو أسد البراهين 13
5 في ان حقيقة الوجود هي عين الواجب 23
6 الفصل (2) في الإشارة إلى مناهج أخرى للوصول إلى هذه الوجهة 26
7 طريقة صاحب المطارحات في اثبات الواجب ونقضها 30
8 الفصل (3) في الإشارة إلى وجوه من الدلائل ذكرها بعض المحققين 37
9 نقض كل من الوجوه المذكورة 39
10 الفصل (4) في الإشارة إلى طرائق أخرى لأقوام 41
11 مناهج الطبيعين في اثبات الواجب 42
12 طريقة المتكلمين المبتنية على الحدوث 47
13 الفصل (5) في ان واجب الوجود إنيته مهيته 48
14 ابطال كون الواجب ذا ماهية بتقرير آخر 51
15 مسلك آخر في نفي المهية عن الواجب 56
16 الفصل (6) في توحيده ونفى الشريك عنه في وجوب الوجود 57
17 الفصل (7) تعقيب الكلام بذكر ما افاده بعض المحققين وما يرد عليه 63
18 وجوه من الاشكال تورد على كلام المحقق الدواني 68
19 نقض كلام المحقق الدواني بوجه آخر 78
20 تقرير السيد الصدر (ره) لتوحيد الواجب تعالى 80
21 اعتراضات المحقق الدواني على السيد الصدر ودفعها 82
22 الفصل (8) في ان واجب الوجود لا شريك له في الإلهية 92
23 طريق آخر لأرسطو في نفي الشريك عنه تعالى 94
24 الفصل (9) في انه تعالى بسيط الحقيقة من كل جهة ليس مؤتلفة الذات من اجزاء وجودية عينية أو ذهنية 100
25 طريق آخر لاثبات بساطته تعالى 102
26 طريقة أخرى لبيان بساطة الواجب 103
27 الفصل (10) في ان الواجب الوجود لا فصل لحقيقته المقدسة 105
28 الفصل (11) في ان الواجب الوجود لا مشارك له في أي مفهوم كان 107
29 الفصل (12) في ان واجب الوجود تمام الأشياء واليه يرجع الأمور كلها 110
30 تفصيل القول في انه تعالى تمام الأشياء 112
31 الموقف الثاني في البحث عن صفاته تعالى على وجه العموم الفصل (1) في الإشارة إلى اقسام الصفات 118
32 كلام السهروردي في نفى الإضافات والحيثيات المختلفة عنه تعالى 121
33 الفصل (2) في قسمة أخرى رباعية للصفات الثبوتية 123
34 الفصل (3) فيما قيل من ان صفاته يجب ان تكون نفس ذاته 125
35 ما أورده المصنف على برهانهم في عينية الصفات 128
36 الفصل (4) في تحقيق القول بعينية الصفات الكمالية للذات الأحدية 133
37 شرح كلام على (ع) في نفى زيادة الصفات على ذاته تعالى 136
38 الفصل (5) ايضاح القول بان صفاته الحقيقية كلها ذات واحدة لكنها مفهومات كثيرة 145
39 الموقف الثالث في علمه تعالى الفصل (1) في ذكر أصول ومقدمات ينتفع بها في هذا المطلب 149
40 اتحاد المدرك والمدرك 165
41 شكوك في اتحاد المدرك والمدرك و إزاحتها 169
42 الفصل (2) اثبات علمه تعالى بذاته 174
43 الفصل (3) في علمه تعالى بما سواه 176
44 الفصل (4) تفصيل مذاهب الناس في علمه بالأشياء 180
45 الفصل (5) في الإشارة إلى بطلان مذهب الاعتزال ومذهب ينسب إلى أهل التصوف 182
46 الفصل (6) في حال ما ذهب إليه القائلون بالمثل العقلية وما ينسب إلى فرفوريوس من اتحاد العاقل والمعقول 188
47 الفصل (7) في حال القول بارتسام صور الأشياء في ذاته تعالى 189
48 كلام الشيخ في انه تعالى لا يعقل الأشياء من الأشياء 193
49 تزييف ما أورده أبو البركات والسهروردي على كلام الشيخ 199
50 نقد ما أورده المحقق الطوسي على وجود الصور في ذاته تعالى 209
51 بيان ان الإضافة بين الواجب وبين الأشياء إضافة اشراقية 214
52 قدح العلامة الخفري في اثبات الصور الإلهية ودفعه 221
53 الفصل (8) ما يقدح به في مذهب القائلين بارتسام الصور في ذاته تعالى 227
54 في ان علمه تعالى بذاته يقتضي علمه بمعلولاته 230
55 كلام الفارابي في الجمع بين رأيي أفلاطون وأرسطو في علمه تعالى 235
56 الفصل (9) حال مذهب القائلين بالعلم الاجمالي له تعالى بما سواه 238
57 انقسام علم الانسان بأقسام ثلاثة 242
58 الفصل (10) حال القول بان علمه بالصادر الأول تفصيلي وبغيره اجمالي 245
59 الفصل (11) حال مذهب من يرى ان علمه بالأشياء بالإضافة الاشراقية 249
60 تمثيل علمه تعالى بالأشياء بعلم النفس وقواها 252
61 اعتراضات ترد على كلام المحقق الطوسي في علمه تعالى 256
62 الفصل (12) ذكر صريح الحق في علمه تعالى السابق على كل شئ حتى على الصور العلمية القائمة بذاته 263
63 تمهيد أصول لكونه تعالى بسيط الحقيقة كل الأشياء وهو منهج الحكماء 264
64 بيان كونه تعالى بسيط الحقيقة كل الأشياء 270
65 بيان منهج الصوفية الكاملين في علمه تعالى 280
66 نقل كلام محيي الدين العربي في كيفية علمه تعالى 286
67 الفصل (13) في مراتب علمه بالأشياء 290
68 معنى القضاء والقدر 291
69 معنى اللوح والقلم وانهما من مراتب علمه تعالى 293
70 معنى اللوح المحفوظ 295
71 معنى قوله (ع) (ان له تعالى سبعين الف حجاب من نور....) 299
72 معنى العرش والكرسي 304
73 تطابق العوالم بعضها مع بعض 305
74 الموقف الرابع في قدرته تعالى الفصل (1) في تفسير معنى القدرة 307
75 في معنى القدرة عند الفلاسفة والمتكلمين 310
76 الفصل (2) في ان القدرة فينا عين القوة وفيه تعالى عين الفعلية 312
77 الفرق بين قدرة القادر المختار و قدرة الموجب 315
78 نقض كون القدرة فيه تعالى ايجابا 319
79 الفصل (3) في دفع ما ذكره بعض الناس 320
80 الفصل (4) مأخذ آخر في ابطال ان شأن الإرادة الواحدة ان يتعلق باي طرف من طرفي الممكن وباي ممكن من الممكنات 323
81 الفصل (5) مذهب المتكلمين في المرجح لإرادة خلق العالم 325
82 معنى وجود اللم في أفعاله تعالى 326
83 الفصل (6) في دفع بعض الأوهام عن هذا المقام 328
84 كلام المحقق الطوسي في اتحاد الإرادة والعلم 331
85 الفصل (7) في تفسير الإرادة والكراهة 334
86 معنى الإرادة والكراهة عند المعتزلة وما يرد عليه 337
87 معنى الإرادة والكراهة عند المصنف 340
88 الفصل (8) دفع ما أورد على اتحاد هذه الأمور في حقه تعالى 343
89 شكوك موردة في مغايرة الإرادة للعلم والقدرة و إزاحتها 345
90 كلام الشيخ في نفى الإرادة الزائدة عنه تعالى 358
91 كلام المحقق الطوسي في اثبات الغرض في فعله تعالى 363
92 الفصل (9) اعتضاد ما ذكرنا من الفرق بين ارادته و إرادتنا من طريق النقل 364
93 تحرير محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة والحكماء 365
94 الفصل (10) في حكمته تعالى وعنايته وهدايته وجوده 368
95 الفصل (11) في شمول ارادته لجميع الافعال 369
96 كلام الامامية والحكماء في ارادته تعالى 371
97 كيفية ارادته تعالى المعاصي عن العباد 372
98 ما يندفع به الشبه الواردة على خلق الأعمال 375
99 تمثيل أفعاله تعالى بأفعال النفس وقواها 377
100 الفصل (12) حل بقية الشبه الواردة على الإرادة القديمة 379
101 معنى وجوب الرضا بالقضاء مع ان المعاصي أيضا من القضاء 380
102 وجه انتساب الشرور إليه تعالى 383
103 كلام المحقق الطوسي في اثبات الاختيار للعبد 384
104 اشكال آخر على الإرادة القديمة و الجواب عنه 388
105 انهاء الشيخ جميع الإرادات إلى ارادته تعالى 391
106 الفصل (13) في تصحيح القول بنسبة التردد والابتلاء إليه تعالى 395
107 الفصل (14) في استيناف القول في استجابة الدعوات ودفع ما أورد عليها 402
108 الموقف الخامس في كونه تعالى حيا 413
109 نفى الحياة الجسمانية عنه تعالى 417
110 الموقف السادس في كونه تعالى سميعا بصيرا 421
111 حقيقة الابصار عند المصنف (ره) 424