تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
احتراق السوداء داخل العروق لمامر من أن الدائم من الاخلاط هو ما تعفن داخلها فان قيل إنما سميت الربع ربعا لمجيئها في الرابع والغب غبا لمحيئها في الثالث أو الثاني على ما مر فلم تسمعون الدائمة ربعا قلنا لاشتدادها في الرابع بالنسبة إلى الباقي في كل دور كذا كل دائمة تشتد يوم النائبة منها أكثر وعلامة هذه الحمى قلة النافض وسخونة الباطن واليبس والكمودة ورصاصية اللون (وعلاجها) وأقسامها كالدائرة منه من غير زيادة إلا في الكائنة عن الدم منها فإنه يفصد فيها الصافن أواخر العلاج وينبغي فيه الانضاج أكثر والقئ حتى يرى منها التحليل ورأيت أن من علامات تحليلها تسويد الشعر الشائب لشدة طبخها المواد وعملها في الرطوبة الغريبة فتسود كما هو شأن الحرارة القريبة فيها ومتى اشتدت بيضت لفرط الاحتراق كما في الخطب إذا أحرق لحما فإنه يسود لغناء الرطوبة فإذا تزايد أبيض لفرط الاحتراق وكثيرا ما يخلص من هذه ملازمة شرب البسفايج مطبوخا بالزبيب محلى بالسكر [الحمى الفائتة] وتسمى المتراقية والمتعدية عن المجرى الطبيعي وهذه تسمى باسم أدوارها فيقال حمى خمس إن وقعت كل خامس وهكذا وأنكاها حمى الخمس ووجودها إجماعي وأما ما فوقها فجالينوس ينكره وغيره يثبته حتى ادعى القرشي أنه رأى حمى تنوب كل ثامن عشر. وحاصل القول في أمثال هذه أن مادتها عن الخلطين الباردين فغلظت واشتد يبسها وجالينوس يقول على تقدير وجود ذلك قد لا يكون عن تعفن بل لسوء تدبير وخلاف عادة (وعلاج هذه الأنواع) بالتسخين والتلطيف وأخذ ما يستفرغ الباردين مع إجراء البدن في ذلك كله على مجرى الصحة في الأغذية وليس لي في هذه علاج مجرب لانى لم أر شيئا منها ولكني أقول بحثا إنه إذا نضج البسفايج طبخا وشرب ماؤه حارا بالاورمالى كان علاجا ناجحا لتحليل الأول السوداء والثاني البلغم الغليظ لتلطيفه.
* (تنبيه) * لم يقع للأطباء ذكر مقدار كمية الاخلاط أصلا وقد ظهر لي من نوب الحمى وفتراتها ما قاله الملطي أنه يمكن الوصول إلى ذلك فإنه لما كانت حمى الدم مطبقة وكانت إما زائدة وهى التي تتداخل أزمنتها أو مصاحبة ويقال ناقصة وهى التي لها فترة في الجملة أو مساوية وهى التي تواصل انحلال ما انصب منها بانصباب ما تعفن إلى مستوقد العفونة من غير فترة محسوسة وكانت هذه معتدلة بالنسبة إلى الأولين كانت نسبتها إلى ست ساعات وهى فترة البلغم نسبة الستة إلى الواحد وكذلك فترة البلغم إلى الصفراء وأما الصفراء بالنسبة إلى الربع فمرة وثلث لأنها ست وثلاثون وتلك ثمان وأربعون فعلى هذا إذا اعتدل البدن والغذاء والسن والزمان والمكان كان أكثر المتولد الدم والبلغم كسدسه والصفراء كسدس البلغم والسوداء مثل نصف الصفراء وربها فافهمه فإنه جيد تبنى عليه مقادير الأدوية. ولما كانت أجناس الحمى كما علمت ثلاثة وكان الأول منها مقصورا على ما كان منه فإذا تجاوز دخل العفونة وكان الثالث غير منتقل عن غايته لاجرم كان العمدة على جنس العفن وهو مقول على أنواع تنقسم إلى بسائط وقد عرفت أحكامها وإلى مركبات وتسمى المختلطة وهى إما أن تتركب من خلطين حقيقيين فأكثر وهذا هو الأصل وقد تكون عن خلط واحد لكنه قد خرج عن غالب صفاته كالبلغم الزجاجي وإطلاق التركيب أو الاختلاط على مثل هذه اصطلاحي ثم المركبة كيف كانت قد تكون مركبة بحسب المادة إذا كانت كما ذكرنا وتعلم هذه من النوب وفتراتها فإنك إذا رأيت شدة النافض واشتعال الحر وعلامات الغب ولكنها كل يوم مثلا عرفت أنها عن البلغم اللطيف اليسير والصفراء الكثيرة وبالعكس وهكذا وقد تكون المركبة بحسب نفس الحمى كوجود نوعين منها إما متفقين ابتداء فقط وهو كثير أو انتهاء وهو دونه أو فيهما وهو قليل جدا ثم كل من هذه قد يحفظ دورا ويسمى المختلط المتفق كتركيب ربعين أو حمسين أو غب
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160