لا وهو متولد من دم في غاية الانهضام طرأ عليه ماء آخر وان كان من عضو إلى البرد فإنه لم يتغذ به حتى صار في حال الأغذية التي تحتاج إلى هضم كثير وتصفية بعد تصفية بل إذا استولت عليه حرارة فاضلة رديئة إلى طبيعة الدم المعتدل بسرعة فما أحسن ما قال روفس فيه وان اعترض عليه ولميله إلى البرد ما يضر أصحاب البلغم لان حرارتهم لا تحيله إلى الدموية كما ينبغي والبدن يستعمله قبل الإحالة لقربه منه ولذلك ينفع أصحاب المزاج الحار اليابس إذا لم يكن في معدهم صفراء تحيله ثم للألبان مناسبات مع الأبدان لا تدرك أسبابها ومن شرب اللبن فيجب أن يسكن عليه لئلا يفسد ولا يحمض ولكن يجب أن لا ينام عليه ولا يتناول عليه أغذية أخرى إلى أن ينحدر وهو أصلح للمتناهين منه لأصحاب المزاج الحار من الشبان فإنه يستحيل فيهم إلى الصفراء وينفع المشايخ أيضا بما يرطب ويزيل الحكة التي تخصهم ولكن يجب ان يعانوا على هضمه بالعسل وكثيرا ما يبدأ اللبن بالاطلاق واخراج ما في نواحي الأمعاء من الفضول ثم يأخذ في التغذية وينكسر في البدن ويحبس الطبع وهو نفاخ الا ان يغلى وهو مركب من مطلق وهو مائية وعاقل وهو جبنية واللبأ بطئ الانهضام غليظ الخلط بطئ الانحدار والعسل يصلحه ويغذو منه البدن غذاء كثيرا والحامض خام الخلط والمطبوخ منه خصوصا ما كان أغلظ فهو أعقل وكل لبن يورث السدد وخصوصا في الكبد إلا لبن اللقاح ونحوها لقلة جبنيته وجلاء مائيته وينفع من المواد التي تنصب إلى الأعضاء الباطنة وتؤذيها بحدتها ولذعها فإنه يضعفها بان يغسلها فوق غسل الماء بجلاء مائية ليس في الماء ويعدل كيفيتها وبان يحول بمناسبته للعضو ثم تغريته عليه بين العضو وبين الخلط الردئ فلا يلقاه الخلط عاديا وهو يضر أصحاب سيلان الدم واللبن غير جيد للأحشاء ولبن المعز أكثر ضررا للأحشاء من غيره فان أكثر رعيه لما يقبض ولبن الضأن بخلافه وليس بمعمود وفيه الهاب واللبن في جوهره سريع الاستحالة وخصوصا إلى الحر ولا أضر بالبدن من لبن ردئ ولبن الأتان مائي ولبن الخنزير مائي غير نضيج واللبن الربيعي مائي بالقياس إلى الصيفي وكذلك ما يرعى الريف والآجام لان نبات الربيعي مائي بالقياس إلى نبات الصيف وكلما أمعن الصيف أمعن اللبن في الغلظ وأجوده ما كان في وسط الصيف لكنه يخاف عليه ان يحيله الحر بعد الشرب ولا يخاف ذلك في الربيع والبقري كثير السمن والضأني كثير الجبنية والسمنية والجبنية في ألبان الإبل قليلة ثم في ألبان الخيل ثم الأتن ولذلك قلما يتجبن في المعدة وفي لبن الإبل ملوحة لحبها الحمض وهذا خير الألبان ومع ذلك فقد قيل إنه شديد البطء في المعدة وأعالي الجوف أكثر من غيره واعلم أن اللبن يختلف بحسب لون الحيوان وبحسب سنه هل هو صغير أو كبير أو معتدل وبحسب سحنته هل هو لين اللحم أو صلبه سمين أو عجيف أبيض أو لون آخر واضعف اللبن فيما يقال لبن الأبيض وهو أسرع انحدارا (الزينة) الاكثار من اللبن يولد القمل فيما زعم بعضهم ولم يبعد لكنه يجلو الآثار القبيحة في الجلد طلاء ويحسن اللون شربا جدا ولكنه كثيرا ما يحدث الوضح إلا لبن اللقاح فإنه قلما يخاف منه الوضح وإذا سقى بالسكر حسن اللون جدا خصوصا النساء ويسمن حتى أن ماء الجبن يسمن أصحاب المزاج الحار اليابس إذا أسهلوا بسببه وانما يسمنهم بما يرطب وبما يخرج الخلط الردئ فيصلح الغذاء واللبن الرائب
(٣٥٦)