جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه قال: إن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.
يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يستق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد، وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان يجري على رضراض الدر والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة حتى يقول الشارب منه: يا ليتني تركت هاهنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا.
أما أنك يا كردين ممن تروى منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر وسقيت منه من أحبنا، وإن الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا، وإن على الكوثر أمير المؤمنين وفي يده عصا من عوسج يحطم بها أعداءنا فيقول الرجل منهم: إني أشهد الشهادتين، فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: تبرأ مني إمامي الذي تذكره، فيقول ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله إذا كان عندك خير الخلق أن يشفع لك فإن خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع، فيقول: إني أهلك عطشا، فيقول: زادك الله ظمأ وزادك الله عطشا.
قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره؟
قال: ورع عن أشياء قبيحة وكف عن شتمنا إذا ذكرنا وترك أشياء اجترأ