خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ١٨٥
وسبب حبس الكميت على وجه الاختصار أن حكيما الأعور هذا كان ولعا بهجاء مضر فكانت شعراء مضر تهجوه وتجيبه وكان الكميت يقول هو والله أشعر منكم قالوا فأجب الرجل قال إن خالد بن عبد الله القسري محسن إلي فلا أقدر أن أرد عليه قالوا فاسمع بأذنك ما يقول في بنات عمك وبنات خالك من الهجاء فأنشدوه ذلك فحمي الكميت لعشيرته فقال المذهبة التي أولها * ألا حييت عنا يا مدينا * وأحسن فيها وهي زهاء ثلاثمائة بيت لم يترك فيها حيا من أحياء اليمن إلا هجاهم ومنها (الوافر) * ولا أعني بذلك أسفليكم * ولكني أريد به الذوينا * وتقدم شرحه وهو الشاهد السادس عشر وعرض الكميت فيها بأخذ الفرس والحبشة وغيرهما نساء اليمن بقوله * لنا قمر السماء وكل نجم * تشير إليه أيدي المهتدينا * * وما ضربت بنات بني نزار * هوائج من فحول الأعجمينا * * وما حملوا الحمير على عتاق * مطهمة فيلفوا منغلينا * و الهوائج جمع هائج وهو الفحل الذي يشتهى الضراب وبلغ خالدا القسري خبر هذه القصيدة فقال والله لأقتلنه ثم اشترى ثلاثين جارية في نهاية الحسن فرواهن القصائد الهاشميات للكميت ودسهن مع نخاس إلى هشام بن عبد الملك فاشتراهن فأنشدنه يوما القصائد المذكورة فكتب إلى خالد وكان يومئذ عامله بالعراق أن ابعث إلي برأس الكميت فأخذه خالد وحبسه فوجه الكميت إلى امرأته ولبس ثيابها وتركها في موضعه وهرب من الحبس فلما علم خالد أراد أن ينكل بالمرأة فاجتمعت بنو أسد إليه وقالوا ما سبيلك على امرأة لنا خدعت فخافهم وخلى سبيلها ثم إن الكميت أتصل بمسلمة بن هشام فشفع فيه عند والده فشفعه
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»