الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ٥
مورد آخر يشير القرآن الكريم إلى أن بوسع الإنسان أن يقيم علاقة مع الملائكة.
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (10).
الذين يقولون ربنا الله ويستقيمون على هذا القول يعني انهم يتفكرون يعني أنهم منتبهون، ولهذا تنزل عليهم الملائكة تكلمهم بأن لا يحزنوا ولا يغتموا، نحن نعينكم على معاناتكم ونخفف عنكم كربة الموت، ونحن أولياؤكم في الدنيا والآخرة.
الذي يستطيع التصرف بالفضاء وعالم المخلوقات وحده الإنسان المتكامل الذي فكر وتأمل وانتبه وعلى أساس ذلك سلك وتحرك.
إضافة إلى ذلك فإن القرآن يطلب منا أن نفكر وننتبه، بل يشدد على ذلك:
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا) (11).
عن أبي عبد الله (ع) قال:
ما من شئ إلا وله حد ينتهي إليه، إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه. فرض الله عز وجل الفرائض فمن أداهن فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده، والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهي إليه، ثم تلا هذه الآية (12).
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا).
مطلب آخر ينبغي الالتفات إليه، وهو أن الهدف لجميع العبادات كما يريده القرآن هو الوصول إلى مرتبة الذكر، يعني الوصول إلى مقام الفكر ومقام التأمل.
إذا كانت الصلاة مخاطبة الله فلأجل الوصول إلى مرتبة الفكر والذكر وصيام شهر رمضان المبارك لهذا الهدف أيضا.
العبادة البدنية والمالية، عبادة القلب، أجمعها لفرض الوصول إلى مرتبة الفكر، لأجل الوصول إلى مرتبة الذكر.
في سورة طه يقول:
(انني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) (13).
اني أنا الله لا إله إلا أنا، تعني أيها الإنسان حطم الأصنام، أيها الإنسان لا تتبع الهوى، لا تتبع الشيطان، أيها الإنسان لا تكن مذنبا في الحياة
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»