الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٣١
للخلوص.
المرتبة الأولى: وهي أن يكون العمل لله فقط ولكن المحرك هي الدنيا.
المرتبة الثانية: يكون العمل لله، والنية لله، ولكن المحرك والداعي هي الآخرة. والدخول إلى الجنة أو عدم الدخول إلى جهنم.
المرتبة الثالثة: تكون النية لله ولكن المحرك مقام لقاء الله ووصول الإنسان إلى مقام عند الله.
وهذه المراتب الثلاث وخاصة المرتبة الثالثة عالية جدا. والعبادة فيها مقبولة، وفيها ثواب الدنيا والآخرة. ولكن ينبغي الالتفات إلى أن لكل مرتبة من هذه المراتب الثلاث حجاب نوراني، وفي كل من هذه المراتب توجد أنية مختبئة.
فإذا كانت الدنيا المحرك فقد جاء بالعمل لنفع نفسه، وإذا كانت الآخرة فقد جاء بالعمل أيضا لنفع نفسه، وإذا كانت المرتبة الثالثة فهي غير خالية أيضا من الذاتية. وليس فيها حجب ظلمانية، ولكن فيها حجب نورانية، ويقال له في اصطلاح أهل القلوب الجنة: الشهوة العقلية لا الشهوة الجنسية، وان كان يوجد بين المرتبة الثالثة والمرتبتين الأولى والثانية من فرق كبير.
- الشكر والحياء المرتبة الرابعة للخلوص:
المرتبة الرابعة من الخلوص هي أن لا تكون أي ذاتية في العبادة وتكون العبادة أو ترك المعصية من أجل شكر مقام الربوبية فقط. تقول أم سلمة: قلت لرسول الله (ص) لماذا كل هذه العبادة؟ (ونقرأ في الروايات أن النبي الأكرم (ص) والزهراء (ع) عبدا الله سبحانه حتى تورمت قدماهما، وكانت الزهراء (ع) تقف على رجل واحدة من شدة التعب ثم تقف على الأخرى) سألت أم سلمة النبي الأكرم (ص) لماذا كل هذه العبادة؟ فقال:
" ألا أكون عبدا شكورا ".
ألا ينبغي أن أشكر الله الذي أعطاني كل هذه النعم؟ وكل نعم الله تعالى لها شكر، وإذا أردنا أن نحصي مليونا من نعم الله سبحانه فانا لا نستطيع.
(وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (1).
اللقمة التي نضعها في أفواهنا تجري عليها نعم كثيرة حتى تصل إلى أنسجة الجسم.
وكريات الدم الحمراء التي يتجاوز عددها الملياردات في بدن كل إنسان مسؤولة عن
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»