الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٩١
والأخلاق الفاضلة التي بها يصل الإنسان إلى جوار رب العالمين والاجتماع مع زمرة المقربين وعباد الله الصالحين: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر (وهي الرحمة، ولما كانت إزالة الأمراض - روحا وجسما - مقدمة على موجبات الصحة لذلك وغير ذلك قدم سبحانه الشفاء، ثم اتبعه بالرحمة.
وخصهما بالمؤمنين دون غيرهم من سائر الناس لأنهم لإيمانهم بالله تعالى وبدينه وحججه المنتجبين امتثلوا أوامر القرآن وانتهوا عن نواهيه وعملوا بما فيه فصار لهم شفاء ورحمة، أما من كان مصرا على الكفر والعناد والعصيان فهؤلاء لا يلتفتون إلى أوامر القرآن ونواهيه ولا يعملون بما فيه فلا يكون لهم شفاء ولا رحمة، بل يزيدهم خسارة ونقمة كما قال الله تعالى في الآية المبحوث عنها: (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (أي يخسرون الثواب ويستحقون العقاب، لكفرهم به وتركهم التدبر له والتفكير فيه.
وهذا كقوله تعالى حاكيا على لسان نوح يخاطب ربه: (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا (5) فلم يزدهم دعائي إلا فرارا (6) وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ([نوح / 6 - 8].
فبفرارهم من دعوة الحق، ومن القرآن، وإصرارهم على الاستكبار - قطعا - لا يزيدهم إلا الخسران والعذاب في الدارين دنيا وآخرة، والظلم لأنفسهم قبل ظلم غيرهم قال تعالى: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ([البقرة / 58] وقد كرر سبحانه وتعالى ظلم الناس لأنفسهم في
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 395 396 397 ... » »»