قضايا المجتمع والأسرة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٤
نفسها. ففيما كان للإنسان مثلا تمتع في إماتة حق من حقوق الغير ولا رادع يردعه ولا مجازي يجازيه ولا لائم معاتب يلومه ويعاتبه، فأي مانع يمنعه في اقتراف الخطيئة وارتكاب المظلمة وإن عظمت ما عظمت؟ وأما ما يتوهم - وكثيرا ما يخطئ فيه الباحث - من الروادع المختلفة كالتعلق بالوطن وحب النوع والثناء الجميل ونحو ذلك، فإنما هي عواطف قلبية ونزوعات باطنية لا سبب حافظا عليها إلا التعليم والتربية من غير استنادها إلى السبب الموجب فهي إذن أوصاف اتفاقية وأمور عادية لا مانع معها يمنع من زوالها فلماذا يجب على الانسان أن يفدي بنفسه غيره، ليتمتع بالعيش بعده وهو يرى أن الموت فناء وبطلان؟ والثناء الجميل إنما هو في لسان آخرين ولا لذة يلتذ به الفادي بعد بطلان ذاته.
وبالجملة لا يرتاب المتفكر البصير في أن الانسان لا يقدم على حرمان لا يرجع إليه فيه جزاء ولا يعود إليه منه نفع، والذي يعده ويمنيه في هذه الموارد ببقاء الذكر الحسن والثناء الجميل الخالد والفخر الباقي ببقاء الدهر، فإنما هو غرور يغتر به وخدعة ينخدع بها بهيجان إحساساته وعواطفه فيخيل إليه انه بعد موته وبطلان ذاته حاله كحاله قبل موته فيشعر بذكره الجميل فيلتذ به وليس ذلك إلا من غلط الوهم كالسكران يتسخر بهيجان إحساساته فيعفو ويبذل من نفسه وعرضه وماله أو كل كرامة له ما لو يقدم عليه لو صحا وعقل، وهو سكران لا يعقل ويعد ذلك فتوة وهو سفه وجنون.
فهذه العثرات وأمثالها مما لا حصن للإنسان يتحصن فيه منها غير التوحيد الذي ذكرناه ولذلك وضع الاسلام الأخلاق الكريمة التي جعلها جزءا من طريقته الجارية على أساس التوحيد الذي من شؤونه القول بالمعاد، ولازمه أن يلتزم الانسان بالاحسان ويجتنب الإساءة أينما كان ومتى ما كان سواء علم به أو لم يعلم، وسواء حمده حامد أو لم يحمد، وسواء كان معه
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الأول أسس المجتمع الاسلامي 5
2 1 - الإنسان والمجتمع 7
3 2 - الانسان ونموه في مجتمعه 8
4 3 - الإسلام وعنايته بالمجتمع 10
5 4 - اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع 12
6 5 - هل تقبل سنة الإسلام الاجتماعية الاجراء والبقاء 16
7 6 - بماذا يتكون ويعيش المجتمع الإسلامي 28
8 7 - التعقل والإحساس 35
9 8 - الأجر الأخروي: غاية المجتمع 38
10 9 - الحرية والمجتمع الإسلامي 40
11 10 - التكامل في المجتمع الإسلامي 42
12 11 - هل الإسلام قادر على إسعاد البشرية 46
13 12 - من الذي يتقلد ولاية المجتمع في الإسلام وما سيرته 48
14 13 - العقيدة جنسية المجتمع الإسلامي 53
15 14 - البعد الاجتماعي للإسلام 56
16 15 - الدين الحق هو الغالب على الدنيا بالآخرة 63
17 الفصل الثاني: الطبيعة البشرية 67
18 1 - عمر النوع الإنساني 69
19 2 - أصل المجتمع البشري 71
20 3 - الإنسان نوع مستقل غير متحول من نوع آخر 75
21 4 - كيف تناسلت الطبقة الثانية من البشر 76
22 5 - المجتمع الأول 83
23 6 - الطبيعة الإنسانية والمجتمع 90
24 الفصل الثالث: المرأة 93
25 1 - حياة المرأة في الأمم غير المتمدنة 96
26 2 - حياة المرأة في الأمم المتمدنة قبل الإسلام 98
27 3 - حال المرأة عند الأمم القديمة 100
28 4 - حال المرأة عند العرب ومحيط حياتهم (محيط نزول القرآن) 103
29 5 - ماذا أبدعه الإسلام في أمرها 106
30 الوزن الاجتماعي للمرأة في الإسلام 111
31 مساواة في الأحكام 112
32 حرية المرأة في المدنية الغربية 118
33 قوانين الإسلام الاجتماعية وقوانين الغرب 119
34 قيمومة الرجال على النساء 123
35 ماذا تعني قيمومة الرجل 126
36 الفصل الرابع: الزواج 137
37 1 - النكاح من مقاصد الطبيعة 139
38 2 - استيلاء الذكور على الإناث 143
39 3 - تعدد الزوجات 144
40 تعدد أزواج النبي (ص) 161
41 قضايا الزواج 165