نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٨
(صلى الله عليه وآله) يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر (1).
وتقسيم الصحابة إلى طبقات دخول واقعي في باب التفاضل، فمن غير المنطقي أن يكون أول من أسلم بنفس الدرجة من العدالة التي يتمتع بها طليق أسلم يوم الفتح. وقد تنبه إلى هذه الناحية الفاروق عند توزيع العطايا، فأخذ بعين الاعتبار توزيع العطايا حسب الطبقة، ولم يساو بين أول من أسلم وآخر من أسلم، ولا ساوى بين من قاتل الإسلام بكل فنون القتال حتى حوصر بجزيرة الشرك مع الرجل الذي قاتل مع الإسلام كل معاركه حتى أعز الله دينه. وفي اجتماع السقيفة كانت حجة المهاجرين على الأنصار: هي أنهم أول من عبد الله في الأرض (السابقة في الإيمان) وأنهم أولياء الرسول وعشيرته وأحق الناس بالأمر من بعده، ولا ينازعهم إلا ظالم، ولأن العرب تأبى أن تؤمر الأنصار ونبيها من غيرهم، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم. وانظر إلى قول عمر: " من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أهله وعشيرته " هذا بالحرف ملخص ما قاله أبو بكر وعمر في السقيفة (2). ألا ترى أن هذا تطبيق نظري دقيق لعملية التفاضل الشرعية وبالتالي نسف لكامل المقولة إن الصحابة كلهم بلا استثناء عدول؟ فأذعن الأنصار لتلك الحجج القوية وقالوا: طالما أن الأمر هكذا فإننا لا نبايع إلا عليا (3). وعند ما واجه الإمام علي القوم بحجته بعد البيعة قال بشير بن سعد الذي شق إجماع الأنصار وبايع أبا بكر مخاطبا عليا: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان، وما كان بالإمكان الوصول إلى هذه القناعات لولا إعمال نظام التفاضل كوسيلة لتقديم الأعلم والأفضل والأنسب لكل أمر تحتاجه الأمة. ونظام التفاضل يتعارض بطبيعته مع مقولة " كل الصحابة عدول: لأنه لو

(١) راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٢٧.
(٢) راجع تاريخ الطبري ج ٧ ص ١٩٨ وراجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة وراجع ج ٢ ص ٣٢٦ من شرح النهج وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص ١٢٦ و ١٣٣.
(٣) راجع تاريخ الطبري ج ٧ ص ١٩٨ وراجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة وراجع ج 2 ص 326 من شرح النهج وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 126 و 133.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331