نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٧٥
بني العباس كان الأمر كذلك، وفي خلافة بني عثمان كان الأمر كذلك.
وهذا المبدأ - أي أن الخليفة هو المرجع وأنه هو صاحب الحق بتولية الخليفة الذي يليه ليكون خليفة من بعده ومرجعا - سنه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ونسج الخلفاء على منوالهما. والفرق أن أبا بكر وعمر كانا يتوخيان أن لا يسند هذا الأمر لقريب لهما، بينما كانت الأمور فيما بعد عكس ذلك، وقد جرت العادة فيما بعد واستقرت على أن يسمي رئيس الدولة الحالي خليفته من بعده ويرشحه للأمة. وقد صور هذا الأمر كأنه حق للخليفة القائم، وقد فهم كثير من علماء أهل السنة ذلك ومنهم ابن خلدون إذ يقول بالحرف: إن الإمام ينظر للناس في حال حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته (1).
الحاكم القائم هو المرجع عند أهل السنة أهل السنة يعتبرون الخليفة الذي يتولى رئاسة الدولة ويمارسها بالفعل هو المرجع بالذات في كل الأمور الدينية والدنيوية. فأبو بكر هو المرجع الأعلى في زمانه، وعمر هو المرجع الأعلى في زمانه، وعثمان ومعاوية ويزيد ومروان بن الحكم... الخ كل واحد منهم يقوم بدور ومهمة المرجعية في زمانه. وينطبق هذا الوصف على خلفاء بني العباس وبني عثمان. فكل واحد منهم مرجع في زمانه، هو بالذات أو من يوكل له هذه المهمة. فالعبرة بالمرجعية الفعلية هو الغلبة. فالحاكم الغالب على الأمة هو وليها وإمامها ومرجعها في كافة الشؤون الدينية والدنيوية.
ذكر أبو يعلى العز فقال: روي عن الإمام أحمد ما دل على أن الخلافة تثبت بالغلبة والقهر، ولا تفتقر إلى العقد. فقال في رواية عبدوس بن مالك العطار: ومن غلب بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما برا كان أم فاجرا. وقال في رواية أبي الحارث في الإمام يخرج عليه: من يطلب الملك فيكون مع هؤلاء قوم ومع هذا قوم (تكون الجماعة مع من غلب) وذلك إعمالا للقاعدة الشرعية التي وضعها عبد الله بن عمر بن الخطاب عندما صلى بأهل المدينة يوم الحرة وقال للناس: نحن مع من غلب والناس يبايعون

(1) المقدمة لابن خلدون.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331