مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٤٦
الإلهية والوضعية على السواء. فعندما تسلم رسول الله قيادة دولة الإيمان عاشت المعارضة أسعد أيامها. فعبد الله بن أبي، زعيم المنافقين، يعلن نواياه بكل حرية وصراحة، فيقول: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، وهو يقصد نفسه بكلمة الأعز، ويقصد رسول الله بكلمة الأذل! فماذا فعل به الرسول، وبماذا عاقبة؟ لقد اقتصر رد فعل الرسول على توبيخ ابن أبي ورهطه من دون الإشارة إليهم بأسمائهم حتى لا يحرجهم ولا يغلق أمامهم درب الرجوع إلى الصواب، إنما توعد المنافقين إن مضوا في غيهم، ووبختهم على سوء نواياها! هذا نموذج لتعامل نظام حكم النبوة مع المعارضة الموسومة إلهيا " بالنفاق!
في صلح الحديبية، وبتوجيه إلهي، خطوة بعد خطوة، عقد النبي صلحا " مع بطون قريش بعد مقاومة وقطيعة وحرب دموية دامت 21 عاما "، وحقق الرسول بهذا الصلح كل ما حارب من أجله، وما كان يطمع بتحقيقه، وكان الصلح كما وصفه الله تعالى فتحا " مبينا "، إلا أن هذا الفتح المبين لم يرق لعمر بن الخطاب، واعتبره (دنية في الدين) واستعمل جميع الأساليب لتخريب الصلح وإلغاء المعاهدة ولكن جهوده باءت بالفشل، وأتم الله كلماته. ولما عجز عمر عن تحقيق ما أراد، صرح علنا " وعلى مسمع من الرسول بأنه لو وجد شيعة تناصره لما (أعطى الدنية في دينه)!، ولألغى بالقوة الصلح الذي أمر الله رسوله بتوقيعه وإبرامه! وهذا عمر نفسه الذي كلفه الرسول بأن ينقل رسالة شفهية إلى بطون قريش، قبل الصلح، فاعتذر وقال للرسول: إني أخشى قريشا " على نفسي وليس لي فيها من يحميني! ماذا فعل الرسول للمعارض الذي توعد باستعمال القوة وبماذا عاقبة؟ لقد قال له الرسول:
(إني عبد الله ورسوله ولن يضيعني). ولما توالت حملاته الكلامية ذكره الرسول بفرار المسلمين يوم معركة أحد، ولم يقل له: أنت فررت في ذلك اليوم. علما " أنه فر وحاول أن يرتب الأمور مع عبد الله بن أبي ليتوسط له عند أبي سفيان حتى لا يقتله! هذا كل ما فعله الرسول مع المعارضة الموسومة بوسم الإسلام (1).

(1) راجع المغازي للواقدي - صلح الحديبية، وكتابنا المواجهة.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257