مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨٩
الرسول: (قربوا أكتب لكم كتابا " لن تضلوا بعده أبدا ") حتى تصدى له عمر وتجاهل وجوده، وقال لمن حوله من أوليائه: (إن الرسول قد غلبة الوجع وعندنا كتاب الله، حسبنا كتاب الله). هذا هو القول الملطف الذي يرويه البخاري ومسلم في صحيحيهما. أما الحقيقة التي رواها ابن الجوزي في كتابه (تذكرة الخواص)، وأبو حامد الغزالي في كتابه (سر العالمين وكشف ما في الدارين) فهي أن عمر قال لأوليائه: (إن الرسول يهجر حسبنا كتاب الله)، فردد أولياؤه: القول ما قاله عمر:
(إن الرسول يهجر حسبنا كتاب الله) (1) ومن يفعل ذلك في مواجهة الرسول وحياته، لن يعجز بعد وفاته عن إلغاء التشريع الذي بينه.
3 - قسمة المال بالسوية: كان الرسول يقسم المال بين الناس بالسوية، وهو لا ينطق عن الهوى ويتبع ما يوحى إليه، ولحكمة ظاهرة مفادها أن الحاجات الأساسية للبشر متشابهة، ولا تختلف من فرد إلى فرد، ومن جهة ثانية فإن الله ورسوله أراد أن يحررا الإنسان من سلطان الحاكم على هذه الأساسيات، وأن يذيبا الفوارق المالية بين الناس إرساء لمبدأ المساواة. والخلاصة أن القسمة بين الناس بالسوية صارت سنة، طبقت طوال عهد النبي الزاهر وطوال عهد الخليفة الأول أبي بكر.
ولما آلت الخلافة إلى عمر رأى أن هذه الطريقة بالقسمة التي أوصاها الله لرسوله، واتبع الرسول فيها ما أوحي إليه غير مناسبة وغير عادلة، والأفضل منها أن يعطي الناس حسب موازين ومعايير أوجدها بنفسه. وبكل بساطة ترك سنة الرسول، النابغة من الوحي الإلهي، واتبع رأيه واجتهاده الشخصي! وبعد تسع سنين، وبعد النتائج المدمرة التي نجمت عن إلغاء سنة المساواة النبوية، واتباع الرأي الشخصي، وبعد أن اختل حبل التوازن، ووجد نظام الطبقات، ووجد الغنى الفاحش والفقر المدقع جنبا " إلى جنب، نتيجة فعل عمر هذا، عندئذ أدرك الخليفة أن سنة محمد أهدى وأصوب من رأيه، فعزم قائلا ": (لئن عشت العام القابل لأتبعن سنة رسول الله وصاحبه).

(١) وقد وثقنا هذه الحادثة العجيبة في كتابنا (نظرية عدالة الصحابة) ص 286 وما بعدها، وفي كتابنا المواجهة.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257