مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨١
هؤلاء القوم فنكلوا به وأهدموا داره) (1). فلو سأل معاوية أحد موالي الإمام علي وأهل البيت: هل توالي عليا "؟ فإذا أجاب المسؤول بالإيجاب وقال إنه يوالي عليا " فمعنى ذلك أنه قد أقر بذنبه والإقرار سيد البينات، وفي هذه الحالة يتوجب حتما " مقضيا " أن تهدم داره وأن يقتل! حسب شريعة معاوية! وفي هذه الحالة وأمثالها وسع الله على عباده بالتقية، فلا حرج على المسؤول لو أجاب معاوية أو أحد أوليائه بأنه لا يوالي عليا "، ولا حرج عليه لو أخفى ولاءه للإمام علي دفعا " للقتل وهدم البيت، كذلك لو أن معاوية أو أحد أوليائه، سأل أحدا " من محبي علي وأهل بيت النبوة: هل تحب عليا "؟ وهل تحب أهل البيت؟ فإذا أجاب بالإيجاب يشطب اسمه من ديوان العطاء، ويتم إسقاط معاشه ورزقه، وبالتالي يجرد من الحقوق المدينة فلا تقبل له شهادة! وفي هذه الحالة وأمثالها أباح الله تعالى له أن يجيب بالنفي على سبيل التقية، فيقول: (أني لا أحب عليا "، ولا أحب أهل بيت النبوة) وله أن يخفي هذا الحب دفعا " لضرر مؤكد.
فكتمان الموالاة والمحبة ليس حراما " بل هو واجب ديني، فالإعلان عن الموالاة يؤدي للموت! فجاءت التقية لتدفع الموت، والجهر بالمحبة يؤدي إلى شطب الاسم وإسقاط الرزق فجاءت التقية لتدفع هذا الضرر البالغ. فالتقية منهج إلهي يجد فيه الإنسان حاجته، فإن الإعلان عن الموالاة والجهر بالمحبة في مثل هذه الظروف لا يسقطان دولة الظلمة، ولا يزيلان ملك معاوية، ولا يضعان حدا " للإرهاب والبطش، بمعنى أن الإعلان والجهر غير منتجين، ولا يحلان مشكلة الأمة بل يخدمان معاوية وأولياءه، ولهذا كانت التقية نهجا " يسلك إلى النجاة.
فغاية معاوية تتمثل في أن يعرف المؤمنين جميعهم ليتمكن من قتلهم وإبادتهم من الوجود إبادة تامة حتى يصفى الملك له ولبني أمية، فلا ينازعه فيه أحد من الناس. وقد أدرك هذه الحقيقة الإمام الحسن وعبر عنها بقوله: (إني خشيت أن يجتث المسلمون من الأرض، فأردت أن يكون للدين داعية) (2).

(1) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد تحقيق حسن تميم 3 / 596.
(2) راجع كتابنا المواجهة ص 633.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 177 178 179 180 181 182 183 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257