مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٦
في فضل عثمان، وليكتفوا بما تجمع من الروايات. وأمرهم بأن يقربوا مجلس الذين يروون في فضائل الصحابة مجتمعين ومنفردين ويغدقوا العطايا والصلات والمنح والإقطاعات عليهم وطمعا " في ثواب معاوية ورضاه وأمواله انشقت الأرض فجأة عن آلاف الرواة الذين جعلوا للصحابة فضائل لا تعد ولا تحصى، وجعلوا للصحابة مجتمعين فضائل تساوي فضائل الأنبياء والشهداء والصديقين أو تفوقها واستندت هذه الفضائل إلى أحاديث أسندها الرواة إلى رسول الله، فأصبح كل واحد من الصحابة مرجعا " قائما " بذاته، واختلقوا على الرسول قولا " مفاده:
(أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم!!) وهكذا صار للأمة تسعمئة ألف نجم، ويمكن للأمة أن تنقسم إلى تسعمئة ألف قسم، لتسير في تسعمئة ألف اتجاه. ومع هذا تكون مهتدية! ومرة أخرى، تكلفت وسائل إعلام الدولة بنشر هذه المرويات، وتعميمها على الناس حتى استوعبها الجميع وصارت عقيدة لكل أفراد الأمة، مع أن الأكثرية الساحقة من هذه الأحاديث مختلفة ولا أساس لها من الصحة إطلاقا "، ومعاوية وولاته يعلمون ذلك ويدعمونه! قال ابن عرفة، المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين: (إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا " إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم) (1).
3 - واستكمالا " لبناء عقيدة دولة البطون، وتوضيحا " للهدف من اختلاق نظرية عدالة جميع الصحابة، وبعد أن تأكد معاوية وأركان دولته أن بحار الروايات الكاذبة في فضل عثمان والخلفاء والصحابة والتي اختلقوها على رسول الله قد غمرت المجتمع، وأروت الأرض، وأن الناس جميعا " حفظوها واستوعبوها، واقتنعوا بها أو تظاهروا بالاقتناع، أدرك معاوية أن نظرية عدالة جميع الصحابة صارت بالفعل عقيدة رسمية للأمة وأن الصحابة مجتمعين قد صاروا مرجعية بديلة من مرجعية أهل بيت النبوة، وصار كل واحد من الصحابة له القيمة نفسها التي أعطاها النبي لإمام أهل بيت النبوة! عندئذ أدرك معاوية أن الحلقة لن تكتمل إلا إذا مزق رداء الهيبة والقداسة الذي خلعه الشارع الحكيم على إمام الأمة علي بن

(1) راجع شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد 3 / 97 تحقيق حسن تميم.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257