مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٣١
وخطورة ظاهرة النفاق، وطبيعة نفسية المنافقين المريضة حيزا " كبيرا " من القرآن الكريم، ومع هذا لم يكن هنالك تنزيل للمنافقين، فالجميع يقومون بالأعمال نفسها، ويرددون الألفاظ عينها، يضمهم مجتمع واحد هو مجتمع المدينة، ويدينون بالطاعة أو يتظاهرون بها لقائد واحد هو الرسول. وقد بلغ تغلغل المنافقين في مجتمع المدينة حدا " يثير الذهول، فقد يكون الأب منافقا " والابن مؤمنا " كحالة عبد الله بن أبي وابنة. لقد كانت المدينة المنورة عاصمة دولة النبي وفي الوقت نفسه المقر الرئيسي لمردة النفاق، وخارج نطاق دولة النبي ينظر للجميع على أساس أنهم أصحاب محمد، ويعرفون بهذا الوصف لأنهم سبقوا في دخول الإسلام، أو تظاهروا بهذا الدخول، ولأنهم كانوا جند النبي أثناء مرحلة المواجهة المسلحة الأولى أو تظاهروا بذلك.
وعند ما جاء نصر الله والفتح، ودخل الناس جميعا " في دين الله أفواجا "، وصار المجتمع العربي مجتمعا " إسلاميا "، وصار النبي سيد الجميع وحاكمهم، بقيت الفئة القلية التي سبقت إلى الإسلام أو تظاهرت به، والتي خاضت غمار المواجهة أو تظاهرت بخوضها بقيت فئة متميزة من غيرها من المسلمين تعرف بالوصف السابق نفسه: (أصحاب محمد) من دون البحث الدقيق عن حقيقة نفاق المنافقين أو عمق إيمان المؤمنين من هذه القلة!
والثابت أن الرسول قال عن زعيم المنافقين عبد الله بن أبي: (فلعمري لنحسن حجته ما دام بين أظهرنا) (1). ولما اقترح بعض المسلمين على رسول الله أجاب بما معناه: (كيف يقال إن محمدا " يقتل أصحابه؟!). وعند ما اقترح أسيد بن حضير على الرسول أن يقتل المنافقين الذين تآمروا على قتله، في أثناء عودته من غزوة تبوك، أجابه الرسول قائلا: (إني أكراه أن يقول الناس أن محمدا " لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين وضع يده في قتل أصحابه! فقال أسيد: يا رسول الله، فهؤلاء ليسوا أصحابا! قال الرسول: أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله؟ قال:
بلى ولا شهادة لهم! قال: أليس يظهرون أني رسول الله؟ قال: بلى ولا شهادة لهم!

(1) راجع الطبقات لابن سعد 2 / 65.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 127 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257