القاسم أن يدعي ذلك كذبا وبهتانا وتحريفا للتاريخ والحقيقة؟!.
لقد كان القشيري صوفيا وسالكا للطريق وبشهادة الكثير من المؤرخين، أنه كان يعرف عقائد القوم ومذاهبهم وأفضل من كتب عندهم، وأوضح مكنون سرهم ودافع عن غريب قولهم وفعلهم. كل ذلك معضدا بالكتاب والسنة ليظهر أن طريق القوم هو الاتباع وليس الابتداع. فهل كان القشيري في كل ذلك مزورا للحقيقة محرفا لما عليه القوم؟! لا نعتقد ذلك أبدا، وللباحثين النظر في هذه القضية للفصل فيها؟!
إننا قد لا نعدو الحقيقة إذا قلنا بأن ابن تيمية كان ينتصر للمتصوفة الحنابلة، أي من علم أنهم صدروا عن مذهب أحمد بن حنبل في العقائد خصوصا.
فهو لا يفتأ يذكر الشيخ عبد القادر (63) بكل خير ويعتمد أقواله وأفعاله. ويؤمن بكل ما يروي من كراماته بحجة أنها وصلت بالتواتر، في الوقت نفسه الذي يرفض كرامات أخرى لبعض المتصوفة بحجة أنها قصص مكذوبة وغير صحيحة. وعبد القادر هذا لا يشك أحد أنه كان حنبليا في بداية الطريق. كما أنه يستشهد بقوله في كتاب " الإستقامة " انتصارا لعقائد أحمد: فعن الشيخ علي بن إدريس إنه سئل قطب العارفين أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الجيلي فقال: يا سيدي! هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال:
ما كان ولا يكون (64). وبذلك يجزم شيخ الإسلام في غلو منقطع النظير بأن تحقيق الولاية يمر عبر عقائد الإمام أحمد بن حنبل. ولست أدري ما بال القرون الأولى حيث لم يكن لابن حنبل وجود يذكر؟!