يعهد من أحد منا إلا من هو شاذ من المتأخرين والقدماء، كابن أبي عقيل، وقد مرت الشبهة في النسبة (1).
وهذا أمر يصدقه الاغتراس، ويجد كل عاقل أن معنى النجاسات هو الاحتراز عن المتنجسات، وبناء العرف على الاستقذار من الملاقيات، من غير فرق بين الجامدات والمائعات، بل هو في الثواني أكثر.
وذهاب المخالفين إلى تنجس القليل في الجملة - إلا بعضا منهم - يشهد على أن المسألة كانت من الصدر الأول معلومة، وأن علماء العامة يتمسكون في آرائهم بالكتاب، والسنة النبوية، وبعض الأمور المشابهة لها، ولا معنى لاختلافهم في حد الكر - اختلافا فاحشا كثيرا - مع عدم بلوغ شئ إليهم من صاحب الشريعة.
ولعمري، إن التدبر في المسألة والفحص حولها، يمنع عن توهم طهارة الماء القليل، ولا يجوز لأحد البحث حولها، فإنه لا يكون عندي إلا عن البناء على إيجاد الاشتباه، والميل إلى التفرد في الرأي والفتوى.
ولا يخفى الفرق بين الشبهات العلمية المذكورة لتشحيذ الأذهان، وبين اختلاط الأباطيل بالحق العيان، ولا ينحل لي هذه المعضلة، وهي رضا شخص واحد بمخالفة الطوائف الكثيرة من الروايات البالغة - على ما قيل - إلى مئات (2)، للعمل بخبر واحد أو أخبار، مع عدم وضوح الدلالة وجدانا وإنصافا، وقصور الاسناد.