الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ١٥٣
أراد في مرضه الذي مات فيه، تقليد الأمر عمر بن الخطاب، زعق الناس وقالوا: لقد وليت علينا فظا " غليظا "، فما كانوا يرضون بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لشدته وصلابته، وغلظه في الدين، وفظاعته على الأعداء، حتى سكنهم أبو بكر لو سألني ربي لقلت: وليت عليهم خيرهم لهم.
وعلى أية حال، فإن إمامة المفضول عند الزيدية، ليست قاعدة عامة تطبق في كل الأحوال، وإلا لسقط مبرر الخروج، وإنما قال به الإمام زيد لتبرير شرعية خلافة أبي بكر، ولإسقاط دعوى الطاعنين فيه، ومن المعروف أن أهل الكوفة والبصرة اشترطوا أن يتبرأ الإمام زيد من أبي بكر وعمر، حتى ينصروه، فأبى زيد، وقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحدا " من أهل بيتي تبرأ منهما، وإني لا أقول فيهما إلا خيرا "، قالوا: فلم تطلب إذن بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا "، قد ولوا فعدلوا، وعملوا بالكتاب والسنة.
قالوا: فلم تقاتلوا هؤلاء إذن؟ قال: إن هؤلاء القوم (أي الأمويين) ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظلموا الناس، وظلموا أنفسهم وإني أدعو إلى كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإحياء السنن، وإماتة البدع، فإن تسمعوا يكن خيرا " لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل، فرفضوه وانصرفوا عنه، ونفضوا بيعته وتركوه، فلهذا سموا الرافضة من يومئذ، ومن تابعه من الناس على قوله سموا الزيدية.
وهكذا فإن الإمام زيد إنما قال بإمامة المفضول، لتبرير شرعية خلافة أبي بكر، فضلا " عن إسقاط دعوى الطاعنين فيه، ومن ثم فإن أئمة الزيدية - بعد الإمام زيد - إنما يقولون بوجوب إمامة الأفضل (1).

(١) ابن كثير: البداية والنهاية ٩ / ٣٧١، وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ ٥ / ٢٤٢ - ٢٣٤، تاريخ الطبري ٧ / ١٨٠ - ١٨١، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٩٩، ٤ / ٣٤٦، المقريزي: الخطط ٢ / ٤٣٩، ابن العماد الحنبلي: ١ / ١٥٨ - ١٥٩، الأشعري: مقالات الإسلاميين ١ / ١٣٧، ابن تيمية: منهاج السنة ١ / ١٧١، ٢ / ١٠٥، الذهبي: سير الأعلام النبلاء ٥ / ٣٩٠، المقدسي: البدء والتاريخ ٦ / ٥٠، الصفدي: الوافي بالوفيات، ابن عساكر: تاريخ دمشق 6 / 21، 26، ابن العبري: مختصر تاريخ الدول ص 200 البغدادي: الفرق بين الفرق ص 34 - 36، الصبيان: إسعاف الراغبين ص 22، الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 162 - 163.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 7
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 12
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 16
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 17
5 الباب الأول 27
6 أولا ": الإمامة 27
7 ثانيا ": حكم الإمامة 30
8 ثالثا ": اختيار الإمام 50
9 رابعا ": شروط الإمام 62
10 خامسا ": عقد الإمامة 76
11 1 - الطريق الأول: البيعة 88
12 2 - الطريق الثاني: العهد 92
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 96
14 سادسا ": طاعة الإمام 97
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 118
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 124
17 1 - الخليفة 126
18 2 - أمير المؤمنين 128
19 3 - الإمام 131
20 4 - الملك 132
21 تاسعا ": إمامة المفضول 151
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 168
23 1 - العصمة: 186
24 2 - التقية: 207
25 1 - التقية في القرآن 208
26 2 - التقية في السنة 213
27 3 - التقية في الدليل العقلي 223
28 4 - التقية عند الخوارج 229
29 5 - التقية عند الشيعة 232
30 6 - التقية عند أهل السنة 241
31 3 - الرجعة 248
32 4 - المهدي 250
33 5 - البداء 263
34 6 - الجفر 265
35 7 - مصحف فاطمة 268
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 275
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 275
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 280
39 1 - عمار بن ياسر 288
40 2 - أبو ذر الغفاري 298
41 3 - سلمان الفارسي 314
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 335
43 1 - وجهة نظر الأنصار 335
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 336
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 337
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 356
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 373
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 384
49 سادسا ": منذ التحكيم 391
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 402
51 2 - أصل التشيع 412
52 3 - أسباب التشيع 428
53 المراجع المختارة 431
54 أولا ": المراجع العربية 431
55 كتب التفسير 434
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 459
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 460