ولقد حرص المستشرقون على كسب الأنصار واستخدام الأتباع لترديد مفترياتهم على الاسلام، وافتعال معارك حول عقائده وآدابه ومختلف أحكامه لتعميق المفاهيم التي يريدون فرضها، وترسيخها في الأذهان، وتوسيع دائرة الانتفاع بها.
ولقد كان طه حسين في مقدمة الذين أعلنوا الاعجاب والتقدير لمناهج المستشرقين، ويعتبر حامل لواء الدفاع عنهم وعن أهوائهم وكثيرا ما يقول: إن هذه الحقيقة أو تلك في تاريخ المسلمين أن فكرهم مما لا يرضى بها الاستشراق وهذا هو أسلوب لا يقوم عليه إلا واحد من أهل التبعية، حتى قال بعضهم: إن طه حسين ليس إلا مستشرقا من أصل عربي وقد كانت أمانته للفكر العربي ولمذاهب الاستشراق تفوق أمانة المستشرقين أنفسهم، وهكذا كان متابعا لهم، مقتنعا بما يقولون إلى أبعد حدود الاقتناع، حتى في تلك المسائل الخطيرة، كقولهم ببشرية الرسول، وبشرية القرآن، وكانت كتاباته توحي بذلك وإن لم يعلنه جهارا، بعد أن صودر كتابه " في الشعر الجاهلي ".
وأعجب ما في طه حسين ولاؤه الشديد لانطواء المسلمين تحت لواء الغرب، وانصهار الاسلام في بوتقة الأممية، والمسيحية واليهودية والغرب جميعا فهو لا يرى للعرب وللمسلمين سبيلا للنهضة إلا في هذا الانصهار وهذا الاحتواء والذوبان، وقد صرح بذلك في كتبه وخاصة ما أورده في كتاب " مستقبل الثقافة في مصر ". فهو يرى أن العرب قوم مستعمرون كالرومان والفرس.
ويظهر اتجاه طه حسين في حرصه على نشر الكتب التي تثير الشبهات وفي مقدمتها " رسائل إخوان الصفا "، وتجديد طبع " ألف ليلة وليلة "، وعنايته بدراسة سير المجان من الشعراء في كتابه " حديث الأربعاء " وهو ثلاثة مجلدات وقد خرج من دراستهم بشبهة مسمومة هي قوله: (إن القرن الثاني للهجرة كان عصر شك ومجون "، وقد اعتمد في بحثه على مصادر أساتذته من المستشرقين اليهود، وعلى " أنساب الأشراف " الذي طبع في الجامعة العبرية في القدس - التي تحتلها إسرائيل - وجارى مستشرقي اليهود في إنكار شخصية عبد الله بن سبأ " ابن السوداء "، في الشك بوجود