التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٣٩
ما لم يكثر في غيره، ولأنه لقوة أدلته صار كأنه هو الكلام دون ما عداه، كما يقال للأقوى من الكلامين هذا هو الكلام، واعتبروا في أدلتها اليقين لأنه لا عبرة بالظن في الاعتقاديات بل في العمليات، فظهر أنه العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسب من أدلتها اليقينية، وهذا هو معنى العقائد الدينية، أي المنسوبة إلى دين محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، سواء توقف على الشرع أم لا وسواء كان من الدين في الواقع ككلام أهل الحق أم لا ككلام المخالفين، وصار قولنا هو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية مناسبا لقولهم في الفقه إنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، وموافقا لما نقل عن بعض عظماء الملة إن الفقه معرفة النفس ما لها وما عليها، وإن ما يتعلق منها بالاعتقاديات هو الفقه الأكبر، وخرج العلم بغير الشرعيات وبالشرعية الاعتقادية الشرعية الفرعية، وعلم الله تعالى، وعلم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بالاعتقاديات، وكذا اعتقاد المقلد فيمن يسميه علما، ودخل علم علماء الصحابة بذلك فإنه كلام وإن لم يكن، وسمي في ذلك الزمان بهذا الاسم، كما أن علمهم بالعمليات فقه وإن لم يكن ثمة هذا التدوين والترتيب، وذلك إذا كان متعلقا بجميع العقائد بقدر الطاقة البشرية مكتسبا من النظر في الأدلة اليقينية، أو كان ملكة يتعلق بها بأن يكون عندهم من المأخذ والشرائط ما يكفيهم في استحضار العقائد على ما هو المراد بقولنا العلم بالعقائد عن الأدلة، وإلى المعنى الأخير يشير قول المواقف إنه علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه، ومعنى إثبات العقائد تحصيلها واكتسابها بحيث يحصل الترقي من التقليد إلى التحقيق، أو إثباتها على الغير بحيث يتمكن من إلزام المعاندين، أو إتقانها وإحكامها بحيث لا تزلزلها شبه المبطلين إ ه‍.
أقام الحجة على أربعين رجلا من اليهود المجسمة (الثاني): قد تكلم الفاروق رضي الله تعالى عنه في علم الكلام. ناظر أبا عبيدة ابن الجراح بسرغ في القدر، لما أراد أن يرجع إلى المدينة بمن معه من أجل طاعون عمواس، فحجه ومناظرتهما مسطرة في صحيح البخاري، وقطع حيدرة كرم الله وجهه الخوارج بالحجة وقطع دهريا وأقام الحجة على أربعين رجلا من اليهود المجسمة بكلام
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»