تنوير الحلك - جلال الدين السيوطي - الصفحة ١٤
ونام فأمسك أبو الحسين ساعة عن الكلام حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه فقال له أبو الحسين رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في نومك قال نعم قال أبو الحسين لذلك أمسكت عن الكلام خوفا أن تنزع وينقطع ما كنت فيه انتهى فهذا يشعر بأن ابن سمعون رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقظة لما حضر وراه أبو الفتح في نومه وقال أبو بكر بن أبي أبيض في جزئه سمعت أبا الحسين نبأنا الجمال يقول حدثني بعض أصحابنا قال بمكة رجل يعرف بابن ثابت قد خرج من مكة إلى المدينة ستين سنة ليس إلا للسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرجع فلما كان بعض السنين تخلف لشغل أو سبب فقال بينا هو قاعد في الحجر بين النائم واليقظان إذ رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يقول أيا ابن ثابت لم تزرنا فزرناك تنبيهات الأول أكثر ما يقع رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر وقد تقدم الأمر أن في كلام القاضي أبي بكر بن العربي لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني لا يدرك حقيقته إلا من باشره وقد تقدم عن الشيخ عبد الله الدلاصى فلما أحرم الإمام أحرمت أخذتني آخذة فرأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأشار بقوله أخذتني آخذة إلى هذه الحال الثاني هل الرؤية لذات المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم بجسمه وروحه أو لمثاله الذين رايتهم من أرباب الأحوال يقولون بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبه صرح الغزالي فقال ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل مثالا له صادق بذلك المثال آلة تكون تارة حقيقية وتارة تكون خيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق قال ومثل ذلك من يرى الله تعالى في المنام فإن ذاته منزهة عن الشكل والصورة ولكن ينتهي تعريفاته إلى العبد بواسطة مثال محسوس
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»