فلك النجاة في الإمامة والصلاة - علي محمد فتح الدين الحنفي - الصفحة ١١٧
وفي (نهج البلاغة): أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمدا، نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين، فلما مضى (عليه السلام) تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي أن العرب تزيح هذا الأمر من بعده عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان (أبي بكر) يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما، أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت (ولايتكم) التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول السراب أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى راح الباطل، وزهق واطمأن الدين وتنهنه، (إنتهى) (1).
وأنه (عليه السلام) كان يكره الاختلاف ما لم يجتمع الناس عليه، وينقادوا لحكمه، كما في البخاري عن عبيدة عن علي قال: اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي (2).
وفي (الفتح) قلت: وقد وقعت في رواية حماد بن زيد أخرجها ابن المنذر عن علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم عنه وعنده قال لي عبيدة: بعث إلي علي وإلى شريح فقال: إني أبغض الاختلاف، فاقضوا كما كنتم تقضون، فذكره إلى قوله وأصحابي قال: فقتل علي قبل أن يكون جماعة.
قوله " فأني أكره الاختلاف " أي الذي يؤدي، قال ابن التين: يعني مخالفة أبي بكر، وعمر. وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة، ويؤيده قوله بعد ذلك حتى يكون الناس جماعة.
وفي رواية الكشميهني: حتى يكون للناس جماعة.
وفي البخاري: قال عمر في الخطبة: ثم أنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا فلا يغتررن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها. (ثم قال) وخالف عنا علي، والزبير ومن معهما (ثم قال): فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى فرقت (أي خفت) من الاختلاف، فقلت أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته (3).
وفي (الفتح) قوله: كانت كذلك الفلتة، الليلة التي يشك فيها هل هي من رجب أو شعبان، وهل من محرم، أو صفر، قوله " وقى الله شرها " أي وقاهم ما في العجلة غالبا من الشر (4).
وقال الداودي: معنى قوله فلتة إنها وقعت من غير مشورة مع جميع من كان ينبغي أن يشاور، وقال ابن حبان: معنى قوله كانت فلتة أن ابتداءها كان من غير ملأ كثير، قوله: و (خالف عنا علي والزبير) في رواية مالك، ومعمر وأن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله، وكذا في رواية سفيان لكن قال العباس بدل الزبير (ثم قال) قال الداودي فيما نقله ابن التين عنه حيث أطلق أنه لم يكن مع أبي بكر حينئذ من المهاجرين إلا عمر، وأبو عبيدة.

(1) نهج البلاغة، ص 237 (طبع طهران).
(2) البخاري، ج‍ 3، ص 387.
(3) البخاري، ج‍ 6، ص 374.
(4) وفي شرح نهج البلاغة للعلامة ابن أبي الحديد، ج‍ 1، ص 132 (طبع مصر) إن صاحب " الصحاح " ذكر أن (الفلتة) هو الأمر الذي يعمل فجأة من غير تردد، ولا تدبر. وهكذا كانت بيعة أبي بكر لأن الأمر لم يكن شورى بين المسلمين، وإنما وقعت بغتة لم تمحص فيها الآراء، ولم يتناظر فيها الرجال، وكانت كالشئ المستلب المنتهب.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 عن الكتاب والمؤلف 3
2 تقاريظ كتاب " فلك النجاة " 5
3 مقدمة المؤلف 13
4 الكتاب الأول غاية المرام في معيار الأمام المقدمة: في لفظ الشيعة ومصداقه 17
5 من نسب من أئمة السنة إلى التشيع 20
6 الباب الأول اختلاف المذاهب ومعيار أهل الحق حديث الثقلين 29
7 تذنيب: من هم أهل البيت (ع) 34
8 تفسير آية المباهلة 34
9 تكملة: في بيان المودة لقربى الرسول (ع) 38
10 الباب الثاني في بيان عدم عمل الأمة بوصية النبي (ص) للتمسك بالثقلين والمودة في القربى الفصل الأول: في ذكر معاوية بن أبي سفيان 43
11 تبصرة: في بغي معاوية 47
12 فصل: في مصالحة علي (ع)، وابنه الحسن (ع) لمعاوية 51
13 الفصل الثاني: في بيان أنصار معاوية وأعوانه 55
14 فصل: في بوائق معاوية بن أبي سفيان 59
15 فصل: نبذة من حالات بعض الصحابة 62
16 تتمة: في رد استلال من قال ان الصحابة كلهم عدول 79
17 فصل: في أحوال يزيد بن معاوية 93
18 فصل: في ذكر معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 95
19 فصل: في ذكر مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية 96
20 الباب الثالث الخلافة والإمامة الفصل الأول: الخلافة والإمامة وشروطهما 101
21 فصل: تطابق الصفات المحمدية بالصفات الإلهية 103
22 فصل: في ضرورة الخلافة بعد النبي (ص) وشرائط الخليفة 104
23 صفات الخليفة بعد النبي (ص) 107
24 أدلة أهل السنة لصحة الخلافة 111
25 الدليل الأول: الاجماع 111
26 فصل: في توضيح كيفية انعقاد خلافة الخلفاء الثلاثة 113
27 ذكر احراق عمر بيت فاطمة (صلوات الله عليها) 121
28 استدلال أهل السنة بأمامة أبي بكر 122
29 الدليل الثاني: وصية السلف للخلف 125
30 الدليل الثالث: الشورى 126
31 الدليل الرابع: التسلط والغلبة 129
32 فصل: في بيان اثني عشر خليفة 132
33 الباب الرابع موازنة أوصاف الخلفاء الثلاثة من الايمان والعلم والشجاعة بأمير المؤمنين علي (ع) فصل: في إيمان أمير المؤمنين علي (ع) بالنبي (ص) وملازمته له 137
34 رد الأشكال حول ايمان الأطفال 141
35 فصل: في بيان ايمان أبي بكر الخليفة الأول 142
36 فصل: في إيمان عمر بن الخطاب 143
37 في نبذة من أعمال عمر بن الخطاب 145
38 قضية (القرطاس) 145
39 شرح حديث (القرطاس) 146
40 نتائج حديث (القرطاس) 148
41 فصل: فيما يتعلق بايمان الخليفة الثالث 153
42 تذنيب: في بيان (فدك) 157
43 فصل: في بيان علم أمير المؤمنين علي (ع) 167
44 فصل: في بيان علم أبي بكر 175
45 فصل: في بيان علم الخليفة الثالث عثمان بن عفان 180
46 فصل: في بيان شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) 182
47 فصل: في بيان فرار الخلفاء الثلاثة في المغازي 187
48 فصل: في فضائل أمير المؤمنين علي (ع) 190
49 فصل: في بيان كون أمير المؤمنين علي (ع) خليفة للنبي (ص) 195
50 تتمة: في أصول الحديث ونقد المؤلفين 213
51 الباب الخامس في أصول الحديث فصل: في توثيق الكتب 227
52 فصل: في توثيق كتب التواريخ والمناقب والحديث 229
53 فصل: في توثيق المحدثين 233
54 الكتاب الثاني ترتيب الصلاة بتطبيق الروايات الباب الأول في بيان تغير الصلاة فصل: في إثبات تغير وصف الصلاة بعد النبي (ص) 239
55 ترك الصلاة والسلام على آل النبي (ص) 240
56 وضع الأحاديث للتقرب من الملوك 245
57 فصل: في التقية والتورية وإخفاء المسائل عمن لا يليق 248
58 الباب الثاني في الطهارة فصل: في المياه 253
59 فصل: فيما يوجب الوضوء وما لا يوجبه 255
60 فصل: في الاستبراء من البول والغائط 257
61 فصل: في صفة الوضوء 258
62 في عدم جواز نسخ القرآن بالسنة والإجماع 268
63 فصل: في سنن الوضوء 269
64 فصل: في الأغسال 269
65 فصل: في التيمم 271
66 الباب الثالث في أحكام الصلاة فصل: في مواقيت الصلاة 275
67 فصل: في الجمع بين الصلاتين 280
68 فصل: في أن الدين يسر 286
69 فصل: في كم يقصر الصلاة 287
70 فصل: في أن القصر في السفر واجب 289
71 فصل: فيمن لا يجب عليه القصر 290
72 فصل: في الأذان 291
73 في صفة الأذان 292
74 فصل: في واجبات الصلاة 296
75 في فرائضها الداخلية 296
76 فصل: في الواجبات الإضافية 303
77 في أذكار الركوع 304
78 فصل: في أن السجدة على الأرض أو على ما أنبتت 309
79 فصل: فصل في كيفية السجود 311
80 فصل: في التشهد 312
81 فصل: في الصلاة على النبي (ص) وآله 315
82 تتمة: ما يتعلق بالتشهد 318
83 الواجب الثامن: التسليم 319
84 فصل: في سنن الصلاة ومندوباتها 322
85 فصل: في إرسال اليدين 329
86 فصل: في كيفية شغل اليدين 332
87 فصل: في التوجيه 332
88 فصل: في القراءة فيما فوق الركعتين 337
89 فصل: في القنوت 338
90 في مد اليدين عند الدعاء 342
91 فصل: في التعقيبات 345
92 فصل: في سجدة اشكر 346
93 في الجماعة 348
94 فصل: من الأحق بالإمامة في الصلاة 349
95 فصل: في رفع اعتراض أهل الجماعة 354
96 فصل: في الصلاة على الميت 355
97 فصل: في رفع اليدين عند تكبيرات الجنازة 360
98 فصل: في وضع الجريدتين في القبر 360
99 تذنيب: في توثيق بعض كتب أهل الشيعة 361