شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٨٧
وأيضا فان هذا انما هو بعد وجودهما وأنه لو كان فيهما وهما موجودتان آلهة سواء لفسدتا وأيضا فإنه قال * (لفسدتا) * وهذا فساد بعد الوجود ولم يقل لم يوجدا ودلت الآية على أنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة متعددة بل لا يكون الاله الا واحدا وعلى انه لا يجوز أن يكون هذا الاله الواحد الا الله سبحانه وتعالى وأن فساد السماوات والأرض يلزم من كون الآلهة فيهما متعددة ومن كون الاله الواحد غير الله وأنه لا صلاح لهما الا بأن يكون الاله فيهما هو الله وحده لا غيره فلو كان للعالم الهان معبودان لفسد نظامه كله فان قيامه انما هو بالعدل وبه قامت السماوات والأرض وأظلم الظلم على الاطلاق الشرك وأعدل العدل التوحيد وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزا والعاجز لا يصلح أن يكون الها قال تعالى * (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) * وقال تعالى * (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) * وقال تعالى * (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) * وفيها للمتأخرين قولان أحدهما لاتخذوا سبيلا إلى مغالبته والثاني وهو الصحيح المنقول عن السلف كقتادة وغيره وهو الذي ذكره ابن جرير ولم يذكر غيره لاتخذوا سبيلا بالتقرب اليه كقوله تعالى * (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) * وذلك أنه قال * (لو كان معه آلهة كما يقولون) * وهم لم يقولوا ان العالم له صانعان بل جعلوا معه آلهة اتخذوهم شفعاء وقالوا * (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) * بخلاف الآية الأولى
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»