شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣١
في الصور المخزونة عندها منتقلا من صورة إلى صورة إلى أن يظفر بمباديه من الذاتيات والعرضيات والحدود الوسطى فيستحضرها متعينة متميزة ثم يتحرك فيها لترتيبها ترتيبا خاصا يؤدي إلى تصور المطلوب بحقيقته أو بوجه يمتاز عما عداه أو إلى التصديق به يقينا أو غير يقين فههنا حركتان يحصل بأوليهما المادة وبالثانية الصورة والمبادي من حيث الوصول إليها منتهى الحركة الأولى ومن حيث الرجوع عنها مبدأ الحركة الثانية ومن حيث التصرف فيها لترتب الترتيب المخصوص مادة الثانية وحقيقة النظر مجموع الحركتين وهما من جنس الحركة في الكيف بتوارد الصور والكيفيات على النفس ولا محالة يكون هناك توجه نحو المطلوب وإزالة لما يمنعه من الغفلة والصور المضادة والمنافية وملاحظة للمعقولات ليؤخذ البعض ويحذف البعض وترتيب للمأخوذ وغاية يقصد حصولها وكثيرا ما يقتصر في تفسير النظر على بعض أجزائه أو لوازمه اكتفاء بما يفيد امتيازه أو اصطلاحا على ذلك فيقال هو حركة الذهن إلى مبادي المطلوب أو حركته عن المبادي إلى المطالب أو ترتيب المعلومات للتأدي إلى المجهول ويراد بالعلم الحضور عند العقل ليعم الظن والجهل المركب أيضا ويدخل التعريف بالفصل وحده أو بالخاصة وحدها بناء على أنه يكون بالمشتق كالناطق والضاحك وفيه شائبة التركيب والترتيب بين الموصوف والصفة أو يخص التفسير بالنظر المشتمل على التأليف والترتيب لندرة التعريف بالمفرد فلا يضر خروجه وهذا ما قال ابن سينا أن التعريف بالمفرد... خداج والإمام ذكر مكان المعلومات التصديقات بناء على ما ذهب إليه من امتناع اكتساب التصورات وكثيرا ما يجعله عبارة عن نفس العلوم المرتبة ومن قال ترتيب أمور معلومة أو مظنونة للتأدي إلى مجهول أراد بالعلم التصور والتصديق الجازم المطابق الثابت على ما هو معنى اليقين وبالظن ما يقابل اليقين فيتناول الظن الصرف والجهل المركب والاعتقاد على ما صرح به في شرح الإشارات وحينئذ لا يرد ما ذكر في المواقف من أن هذا ليس تفسيرا للنظر الصحيح والألزم أن يقيد الظن بالمطابقة ليخرج الفاسد من جهة المادة المظنونة الكاذبة وأن يقال بدل للتأدي بحيث يؤدي ليخرج الفاسد من جهة الصورة بل لمطلق النظر ومقدماته قد لا تكون معلومة ولا مظنونة بل مجهولة جهلا مركبا ولا يتناوله التفسير فلا يكون جامعا وقد يفسر بملاحظة المعقول لتحصيل المجهول ويراد بالمعقول الحاصل عند العقل واحدا كان أو أكثر تصورا كان أو تصديقا علما كان أو ظنا أو جهلا مركبا فلا يفتقر إلى شيء من التكلفات السابقة وفي كلام الإمام أن نظر البصيرة أشبه شيء بنظر البصر فكما أن من يريد إدراك شيء ببصره يقطع نظره عن سائر الأشياء ويحرك حدقته من جانب إلى جانب إلى أن يقع في مقابلة ذلك الشيء فيبصره كذلك من يريد إدراك شيء ببصيرته يقطع نظره عن سائر الأشياء ويحرك حدقة عقله من شيء
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»